للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنةَ، فذكرَ منها الاستغفارَ، وعدمَ الإصرارِ، فلم يضمنْ تكفير السيئاتِ

ومغفرة الذنوبِ إلا لمن كان على هذهِ الصفةِ، واللهُ أعلمُ.

الصغائرُ هل تجبُ التَّوبةُ منها كالكبائرِ أم لا؟

لأنها تقعُ مكفرةً باجتنابِ الكبائرِ، لقولِهِ تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) ؟

هذا ممَّا اختلفَ الناسُ فيه.

فمنهم من أوجبَ التوبةَ مِنْهَا.

وهو قولُ أصحابِنا وغيرِهم من الفقهاءِ والمتكلمينَ وغيرِهم.

وقد أمر اللَّهُ بالتوبةِ عقيبَ ذكرِ الصغائرِ والكبائرِ، فقالَ تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) الآية إلى قولِهِ: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .

وأمرَ بالتوبةِ من الصَّغائرِ بخصوصِهَا في قولِهِ:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١) .

ومن الناس من لم يُوجب التوبةَ منها، وحكي عن طائفةٍ من المعتزلةِ ومن

المتأخرينَ من قالَ: يجبُ أحدُ أمرينِ، إمَّا التَوبةُ منها، أو الإتيانُ ببعض

المكفِّرات للذنُوب من الحسناتِ.

وحكى ابنُ عطيّة في "تفسيره" في تكفير الصغائر بامتثالِ الفرائضِ

واجتنابِ الكبائرِ قولينِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>