للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصفة المذكورة، كقوله صلّى الله عليه وسلم فى شهادته بالهداية. وإذا صار التابعى من أهل الاجتهاد: دخل مع الصحابة فى إجماعهم، واعتبر خلافه. وكذلك عنده إذا اختلف الصحابة على قولين وانقرض العصر على أحدهما: جاز القول بالآخر عنده بعدهم، على خلاف بين أصحابه.

والخامس: القياس. وهو رد الشئ إلى نظيره بعلة تجمع بين أصله وفرعه.

فإن عدم ذلك فلا قياس.

وكان يقول بالقياس من طريق الشبه والمقاربة، حتى يكون له علة صحيحة تجمع بين الأصل والفرع.

وكان يمنع - رحمه الله - من القول بالاستحسان، ليس الدين عنده مأخوذا من طريق الحسن الجميل. فإن فى الشرع حسنا يقبحه العقل (١). فلا حكم للاستحسان. وقد روى عنه: أنه استحسن فى بعض المواضع. وذلك محمول - من قوله على استحسان طريق حديث على غيره، أو قول صحابى خالفه سواه.

واستحسن قوة علته. فغلّب الحكم بعلة على غيرها. فإن الحكم قد ثبت بعلل شتى

وكان يقول: لا يجوز القياس على ما ورد مخصصا فى غيره، أو زمان أو مكان.

لأن التعيين عنده: يمنع إلحاق مثله به، إذا كان مما يقاس عليه، لما خص بذكر مقصور عليه.

وكان رحمه الله يجعل القياس فى الأدلة بمنزلة الميتة، مع الضرورة، والتراب عند عدم الماء. وأما استنباط الدليل منها: فحرام عنده، ممنوع منه.

وكان يقول بالقطع فى خبر التواتر، إذا كان مثله لا يجوز التواطؤ عليه، ولا الاجتماع على كتمان الحق فيه، ويقول: لا تجتمع الدواعى على كتمان الصدق.

ولا يصح ذلك فى عدد كثير فى العصر الواحد. ويصح الاجتماع على الصحة والصدق، لتوافر الدواعى عليه.


(١) لعله يقصد عقول السفهاء. فأما ذوو العقول السليمة والفطر المستقيمة: فإنما الدين عندهم كما قال الله (٢٩:٣٠ فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها)

<<  <   >  >>