للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأما خبر الواحد: فيوجب العمل بموجبه، والمصير إلى حكم نطقه، دون القطع بعينه. لأنه يجوز عليه ما لا يجوز على المتواتر. وإنما يحسن فيه الظن بالناقل أو الجهل بالراوى. وكان رحمه الله تعالى يقرأ (١٢٢:٩ {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ. لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)} فأمر بنفير طائفة، وذكر إنذارها عند عودها. وهذا ليس من طريق التواتر. فثبت جواز قبول خبر الواحد، وقد روى أن أهل قباء تحولوا إلى البيت الحرام عن بيت المقدس لخبر واحد. وكان عليه الصلاة والسلام يقبل الكتب، وينفذ الرسل، ويقبل الهدية، وينكح الزوجة بتسليم أهلها. وهذا كله خبر واحد.

وقد حكى عن بعض أصحابه أنه كان يقول: إنه يوجب العلم.

وما وجدته من لفظه، ولا أظنه يذهب إليه.

وكان رحمه الله ينبه على القول باستصحاب الحال. لأنه كان يسأل عن المسألة التى فيها غموض، فيقول: لم ينقل فى ذلك شئ. أو لم يرو فيه شئ. وهذا صريح فى القول باستصحاب الحال. لأنه لا يجد حكما، فيحمل الذمة على براءتها، والساحة على فراغها، والهمة على خلوها، والضمائر على انطلاقها.

وكان رضى الله عنه لا يرى القول بشريعة من مضى. ويقول: هى منسوخة وليست شريعة لنا فى الأحكام، وإن وافقت شرعنا ولم يرد نسخ ما فيها من الموافقة. ويقول: قال الله تعالى (٤٨:٥ {لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً)}

ومن أصحابه من قال: هى شريعة لنا، إلا أن يرد النسخ.

ولا أدرى حكاه عن نفسه أو وجده من لفظ إمامه، ويستدل بقوله:

(١٣:٤٢ {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً} - الآية)

وكان يذهب إلى أن لفظ رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى الأحكام أعم من السبب الذى خرج عليه الكلام، إلا أن يكون الجواب مقصورا على السبب فلا يتعداه. قال: لأن النبى عليه الصلاة والسلام يجوز أن يسأل عن شئ

<<  <   >  >>