للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والناس منهم شامت وعصابة ... عبراتهم لي بالحلوق شواجي

ففلقت هامته فخر مكانه ... أطم تقوض مائل الأبراج

ثم انثنيت وفي قميصي شاهد ... مما جرى من شاخب الأوداج

أيقنت إني ذو حفاظ ماجد ... من نسل أملاك ذوي أتواج

فلئن قذفت إلى المنية عامداً ... إني لخيرك بعد ذلك راجي

علم النساء بأنني لا أنثني ... إذ لا يثقن بغيره الأزواج

وحكى عن الطفيل بن عامر العمري «١» قال: خرجت ذات يوم أريد الغار، وكنت رجلاً أحب الوحدة، فبينا أنا أسير إذ ضللت الطريق الذي أردته، فسرت أياماً لا أدري أين أتوجه حتى نفذ زادي، فجعلت آكل الحشيش وورق الشجر حتى أشرفت على الهلاك ويئست من الحياة، فبينا أنا أسير إذ أبصرت قطيع غنم في ناحية من الطريق فملت إليها، وإذا شاب حسن الوجه فصيح اللسان، فقال لي: يا بن العم أين تريد؟ فقلت: أردت حاجة لي من بعض المدن وما ظني إلا قد ضللت الطريق، فقال: أجل! إن بينكم وبين الطريق مسيرة أيام فانزل حتى تستريح وتطمئن وتريح فرسك، فنزلت فرمى لفرسي حشيشاً وجاء إلي بثريد كثير ولبن، ثم قام إلى كبش فذبحه وأجج ناراً وجعل يكبب لي ويطعمني حتى أكتفيت، فلما جننا الليل قام وفرش لي وقال: قم فارم بنفسك فإن النوم اذهب لتعبك وارجع لنفسك، فقمت ووضعت رأسي، فبينا أنا نائم إذ أقبلت جارية لم تر عيناي مثلها قط حسناً وجمالاً، فقصدت إلى الفتى وجعل كل واحد منهما يشكو إلى صاحبه ما يلقى من الوجد به، فامتنع علي النوم لحسن حديثهما فلما كان في وقت السحر قامت إلى منزلها، فلما أصبحنا دنوت منه فقلت له: ممن الرجل؟

قال: أنا فلان بن فلان، فانتسب لي فعرفته فقلت له: ويحك! إن أباك

<<  <   >  >>