قال: وكان الحجاج متكئاً فاستوى جالساً ثم قال: ويحك دعنا من السجع والرجز وخذ في الحديث، قال: نعم أيها الأمير ثم نزل فربط فرسه وجمع حجارة وأوقد عليه ناراً وشق عن بطن الأسد وألقى مرافه في النار فجعلت، أصلح الله الأمير، اسمع للحم الأسد نشيشا فقالت له نعيمة: قد جاءنا ضيف وأنت في الصيد، قال: فما فعل؟ قالت: ها هو ذاك بظهر الكثيب والخيمة، فأومأت إلي، فأتيتها، فإذا أنا بغلام أمرد كأن وجهه دارة القمر فربط فرسي إلى جنب فرسه ودعاني إلى طعامه فلم أمتنع عن أكل لحم الأسد لشدة الجوع، فأكلت أنا ونعيمة منه بعضه وأتى الغلام على آخره، ثم قام إلى زق فيه خمر فشرب، ثم سقاني فشربت ثم شرب الغلام حتى أتى على آخره، فبينما نحن كذلك إذ سمعت وقع حوافر خيل أصحابي فقمت وركبت فرسي وتناولت رمحي وصرت معهم ثم قلت: يا غلام خل عن الجارية ولك ما سواها فقال: ويلك أحفظ الممالحة، قلت: لا بدّ من الجارية وفارس، فالتفت إليها وقال لها: قفي، ثم قال: يا فتيان هل لكم في العافية؟ وإلا فارس وفارس فبرز إليه رجل من أصحابي فقال له الغلام:
من أنت؟ فلست أقاتل من لا أعرفه ولا أقاتل إلا كفوءاً أعرفه، فقال: أنا