فيجب على اللبيب الاستجارة بالله مما يورط فيه الهوى: فهذا خلف مولى يوسف بن قمقام القائد المشهور كان أحد القائمين مع هشام بن سليمان بن الناصر، فلما أسر هشام وقتل وهرب الذين وازروه، فر خلف في جملتهم ونجا، فلما أتى القسطلات لم يطق الصبر عن جارية كانت له بقرطبة فكر راجعاً، فظفر به أمير المؤمنين المهدي، فأمر بصلبه، فلعهدي به مصلوباً في المرح على النهر الأعظم وكأنه القنفذ من النبل.
ولقد اخبرني أبو بكر محمد بن الوزير عبد الرحمن بن الليث رحمه الله أن سبب هروبه إلى محلة البرابر أيام تحولهم مع سليمان الظافر إنما كان لجارية يكلف بها تصيرت عند بعض من كان في تلك الناحية، ولقد كاد أن يتلف في تلك السفرة.
وهذان الفصلان وإن لم يكونا من جنس الباب فإنهما شاهدان على ما يقود إليه الهوى من الهلاك الحاضر الظاهر، الذي يستوي في فهمه العالم والجاهل، فكيف من العصمة التي لا يفهمها من ضعفت بصيرته.
ولا يقولن امرؤ: خلوت، فهو وغن انفرد فبمرأى ومسمع من علام الغيوب.
) الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (، (غافر: ١٩)) ويعلم السر وأخفى ((طه: ٧) و) ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا وهو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما