للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[- ١٨ - باب الرقيب]

ومن آفات الحب الرقيب، وإنه لحمى باطنة، وبرسام ملح، وفكر مكب.

والرقباء أقسام: ١ - فأولهم مثقل بالجلوس، غير متعمد، في مكان اجتمع فيه المرء مع محبوبه، وعزما على إظهار شيء من سرهما والبوح بوجدهما والانفراد بالحديث.

ولقد يعرض للمحب من القلق بهذه الصفة ما لا يعرض له مما هو أشد منها، وهذا وإن كان يزول سريعاً فهو عائق حال دون المراد وقطع متون الرجاء.

ولقد شاهدت يوماً محبين في مكان قد ظناً انهما انفردا فيه وتأهبا للشكوى، فاستحليا ما هما فيه من الخلوة، ولم يكن الموضع حمى، فلم يلبثا أن طلع عليهما من كانا يستثقلانه، فرآني فعدل إلي وأطال الجلوس معي، فلو رأيت الفتى المحب وقد تمازح الأسف البادي على وجهه مع الغضب لرأيت عجباً، وفي ذلك أقول قطعة منها: [من الطويل] .

يطيل جلوساً وهو أثقل جالس ... ويبدي حديثاً لست أرضي فنونه شمام ورضوى واللكام ويذبل ... ولبنان والصمان والحزن دونه ٢ - ثم رقيب قد أحس من أمرهما بطرف، وتوجس من مذهبهما شيئاً، فهو يريد أن يستقري حقيقة ذلك، فيدمن الجلوس، ويطيل القعود، ويتقفى الحركات، ويرمق الوجوه، ويحصي الأنفاس، وهذا أعدى من الجرب.

وإني لأعرف من هم أن يباطش

<<  <   >  >>