للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوامر رب العرش أضيع عنده ... وأهون من شكوى إلى غير راحم تجمع فيه كل خزي وفضحة ... فلم يبق شتماً في المقال لشاتم وأثقل من عذل على غير قابل ... وأبرد برداً من مدينة سالم وأبغض من بين وهجر ورقبة ... جمعن على حران حيران هائم وليس من نبه غافلاً، أو نصح صديقاً، أو حفظ مسلماً، أو حكى عن فاسق أو حدث عن عدو - ما لم يكن يكذب ولا يكذب، ولا تعمد الضغائن - منقلاً.

وهل هلك الضعفاء وسقط من لا عقل له إلا في قلة المعرفة بالناصح من النمام، وهما صفتان متقاربتان في الظاهر متفاوتتان في الباطن، إحداهما داء والأخرى دواء.

والثاقب القريحة لا يخفى عليه أمرهما، لكن الناقل من كان تنقيله غير مرضي في الديانة، ونوى به التشتيت بين الأولياء، والتضريب بين الإخوان، والتحريش والتوبيش والرقيش.

فمن خاف إن سلك طريق النصيحة ان يقع في طريق النميمة، ولم يثق لنفاذ تمييزه ومضاء تقديره فيما يرده من أمور دنياه ومعاملة أهل زمانه، فليجعل دينه دليلاً وسراجاً يستضيء به، فحيثما سلك به سلك وحيثما أوقفه وقف، وكفيلاً له بالنظر وزعيماً بالإصابة وضماناً للفلج والخلاص.

فشارع الشريعة وباعث الرسول عليه السلام ومرتب الأوامر والنواهي أعلم بطريق الحق وأدرى بعواقب السلامة ومغبات النجاة من كل ناظر لنفسه بزعمه، وباحث بقياسه في ظنه.

<<  <   >  >>