للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم أجده١ أو لم أجد له أصلا وبعضهم يقول لا أصل له. وهذا كله معروف عند العلماء، وهذا التعبير الأخير منتقد عند بعض المحققين، لما فيه من الاطلاع الموهم أنه لا أصل له عند العلماء قاطبة، ومثل هذا الحكم صعب، فبالأولى التعابير التي قبله.

فهل المتعصب الجائر على جهل بهذا، أم هو يتجاهل لغاية في نفسه, فإن كنت لا تدري.

وغالب الظن أنه جمع المصيبتين الجهل والتجاهل معًا، أما الجهل فيدل عليه قوله المتقدم ذكره عنه: "فكان ماذا إذا عرف غيره كالشارح أو غيره مثلا".

قلت: فظاهر هذه العبارة أنه أراد المتن، أي أن الشارح عرف المتن الذي لم أعرف أنا! وأنا إنما أعني كما جرى عليه من قبلي من المحدثين: لم أعرف إسناده، فما الفائدة من معرفة الشارح لهذا المتن, وكل أحد يعلم ذلك من كتابه، وإن كان يعني المتعصب الجائر أن الشارح عرف إسناده -وهذا بعيد جدا عن ظاهر كلامه- فمن أين له ذلك والشارح، لم يخرجه، ليمكننا الرجوع إلى مخرجه ولننظر في إسناده؟


١ قلت: وهذا التعبير يكثر من استعماله أئمة الحديث في كتب "التخريجات"، أمثال الحافظ الزيلعي, والعراقي, والعسقلاني، وغيرهم، وقد وجدت العراقي قد قال: "لم أجده" في الجزء الأول من "تخريج الإحياء" في أكثر من عشرة أحاديث، وهذه صفحاتها من الطبعة التجارية: "٩٢، ١٤٨، ١٥٠، ١٥٧، ١٥٩، ١٦٦، ١٧٠، ١٨٣، ١٨٧، ١٩٢، ٢٩٩، ٣٠٧".
وقال في نحو هذا العدد من الأحاديث: "لم أجد له أصلا". "٧٦، ٨١، ١٠٢، ١٣٥، ١٤١، ١٧٧، ١٩٨، ٢٠٠، ٢٣٢، ٢٤٠، ٢٤١، ٣١٧"، وقال مرة: "لم أجد له إسنادًا" "٢٩٦".
وتارة يقول: "قال ابن الصلاح: لم أجد له أصلا، وقال النووي: غير معروف" "ص١٣٧"، وهذا مثل قولي: "لا أعرفه"، فهل يفهم أحد من هذا التعبير، غير هذا المتعصب أن العراقي يعني به لم يجد متنه وهو يراه ماثلا أمامه، وحينئذ فأي فرق بين "لم أجده" و"غير معروف" و"لم أعرفه"؟!

<<  <   >  >>