الحج وَالْجِهَادُ مَاضِيَانِ مَعَ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إلى قيام الساعة
...
قَوْلُهُ: "وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ مَاضِيَانِ مَعَ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ، إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، لَا يُبْطِلُهُمَا شَيْءٌ وَلَا يَنْقُضُهُمَا".
ش: يُشِيرُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ، حَيْثُ قَالُوا: لَا جِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حتى يخرج الرضى مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: اتَّبِعُوهُ!! وَبُطْلَانُ هَذَا الْقَوْلِ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِدَلِيلٍ, وَهُمْ شَرَطُوا فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا، اشْتِرَاطًا، مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ! بَلْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، [وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ] وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: "لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَتِهِ" ١. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ نَظَائِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْإِمَامَةِ, وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا, وَالرَّافِضَةُ أَخْسَرُ النَّاسِ صَفْقَةً فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْإِمَامَ الْمَعْصُومَ هُوَ الْإِمَامَ الْمَعْدُومَ، الَّذِي لَمْ يَنْفَعْهُمْ فِي دين ولا دنيا!! فإنهم يدعون أنه الْإِمَامَ الْمُنْتَظَرَ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ، الَّذِي دَخَلَ السِّرْدَابَ فِي زَعْمِهِمْ، سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ بِسَامَرَّا! وَقَدْ يُقِيمُونَ هُنَاكَ دَابَّةً، إِمَّا بَغْلَةً وَإِمَّا فَرَسًا، لِيَرْكَبَهَا إِذَا خَرَجَ! وَيُقِيمُونَ هُنَاكَ فِي أَوْقَاتٍ عَيَّنُوا فِيهَا مَنْ يُنَادِي عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ. يَا مَوْلَانَا، اخْرُجْ! يَا مَوْلَانَا، اخْرُجْ! وَيُشْهِرُونَ السِّلَاحَ، وَلَا أَحَدَ هُنَاكَ يُقَاتِلُهُمْ! إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأمور التي يضحك عليهم منها الْعُقَلَاءُ!!
وَقَوْلُهُ: مَعَ أُولِي الْأَمْرِ بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْجِهَادَ فَرْضَانِ يَتَعَلَّقَانِ بِالسَّفَرِ، فَلَا بُدَّ مِنْ سَائِسٍ يَسُوسُ النَّاسَ فِيهِمَا، وَيُقَاوِمُ الْعَدُوَّ، وَهَذَا الْمَعْنَى كَمَا يَحْصُلُ بِالْإِمَامِ الْبَرِّ يَحْصُلُ بِالْإِمَامِ الْفَاجِرِ.
قَوْلُهُ: "وَنُؤْمِنُ بِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَهُمْ عَلَيْنَا حَافِظِينَ".
ش: قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}. وَقَالَ تَعَالَى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: ١٧, ١٨]. وَقَالَ تَعَالَى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرَّعْدِ: ١١]. وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزُّخْرُفِ: ٨٠]. وَقَالَ تَعَالَى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ
١ صحيح، وقد تقدم بالحديث "رقم ٤٩٩".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute