للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدعاوي ما لم تقيموا عليها ... بينات أبناؤها أدعياء

أقول هذا دون أن يفوتني التنبيه على أنه من المحتمل أنه كان ناسيًا لقول ابن تيمية السابق لما انتقدني في تقريره, فإن الرجل على كثرة نقله عن كتب العلماء، فهو فيها كحاطب ليل؛ لأن في كثير من الأحيان ينقل عنهم ما لم يهضم معناه، فهو لذلك لا يستحضره عند الحاجة إليه، بل قد ينساه مطلقًا فلا يتخذه له منهجًا في منطلقه في هذا العلم، ولذلك تراه متناقضًا في تعليقاته أشد التناقض فيقر في بعضها ما كان انتقده سابقًا، أو العكس، ولست الآن في صدد شرح ذلك في هذه المقدمة، ولا هو يستحق ذلك، وإنما بين يدي الآن مثالان من تعليق "المصنوع"! لا أريد أن أفوت على نفسي فائدة التنبيه عليهما:

الأول: قال بعد الفقرة السابقة مباشرة:

"٢ - لا أعرف، أو لم أعرفه أو لم أقف عليه ... أو ... أو ... ونحو هذه العبارات إذا صدر من أحد الحفاظ المعروفين، ولم يتعقبه أحد كفى للحكم على ذلك الحديث بالوضع"!

كذا قال: وهو خطأ واضح، يدل على بعده عن هذا العلم، فإن هذه العبارات التي ساقها في هذه الفقرة هي في الدلالة على المراد منها كالعبارات التي ذكرها في الفقرة الأولى السابقة، فكما أن تلك معناها: ليس له إسناد، فكذلك هذه ولا فرق، وإذا كان كذلك، فكون الحديث لم يقف المخرج على إسناده، فليس معناه عنده أنه موضوع؛ لأن الحديث الموضوع، إما أن يكون وضعه من قبل إسناده، وذلك بأن يكون فيه كذاب أو وضاع، وهذا لا سبيل إليه إلا من إسناده، والفرض هنا أنه غير معروف، وإما أن يكون من قبل متنه، وذلك بأن يكون فيه ما يخالف القرآن أو السنة الصحيحة، أو غير ذلك مما هو مذكور في "مصطلح الحديث"، ومن المعلوم بداهة، أنه ليس كل حديث لا إسناد له؛ في متنه ما يدل على وضعه، بل لعل العكس هو الصواب، أعني أن غالبها ليس فيها ما يدل على وضعها، كما أشار إلى ذلك العلامة القارئ في الكتاب المذكور "ص١٣٧" وإن تعقبه المتعصب، فإن موضع الشاهد منه مسلم به اتفاقًا، وهو أن كثيرًا منها ليس عليها

<<  <   >  >>