للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسؤولون عَنِّي، فَمَاذَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ١، فَرَفَعَ أُصْبَعَهُ الْكَرِيمَةَ إِلَى السَّمَاءِ رَافِعًا لَهَا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهَا وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، قَائِلًا: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ". فَكَأَنَّا نُشَاهِدُ تِلْكَ الْأُصْبُعَ الْكَرِيمَةَ وَهِيَ مَرْفُوعَةٌ إِلَى اللَّهِ، وَذَلِكَ اللِّسَانَ الْكَرِيمَ وَهُوَ يَقُولُ لِمَنْ رَفَعَ أُصْبَعَهُ إِلَيْهِ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ"، وَنَشْهَدُ أَنَّهُ بَلَّغَ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ، وَأَدَّى رِسَالَةَ رَبِّهِ كَمَا أُمِرَ، وَنَصَحَ أُمَّتَهُ غَايَةَ النَّصِيحَةِ، فَلَا يُحْتَاجُ مَعَ بَيَانِهِ وَتَبْلِيغِهِ وَكَشْفِهِ وَإِيضَاحِهِ إِلَى تَنَطُّعِ الْمُتَنَطِّعِينَ، وَحَذْلَقَةِ الْمُتَحَذْلِقِينَ! وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّابِعَ عَشَرَ: التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ: "الْأَيْنَ" كَقَوْلِ أَعْلَمِ الْخَلْقِ بِهِ، وَأَنْصَحِهِمْ لِأُمَّتِهِ، وَأَفْصَحِهِمْ بَيَانًا عَنِ الْمَعْنَى الصَّحِيحِ، بِلَفْظٍ لَا يُوهِمُ بَاطِلًا بِوَجْهٍ: "أَيْنَ اللَّهُ" ٢، فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. الْخَامِسَ عَشَرَ: شَهَادَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ قَالَ إِنَّ رَبَّهُ فِي السَّمَاءِ بِالْإِيمَانِ. السَّادِسَ عَشَرَ: إِخْبَارُهُ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ أَنَّهُ رَامَ الصُّعُودَ إِلَى السَّمَاءِ، لِيَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى فَيُكَذِّبَهُ فِيمَا أَخْبَرَهُ مِنْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ السماوات، فقال: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [المؤمن: ٣٦]. فَمَنْ نَفَى الْعُلُوَّ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ فَهُوَ فِرْعَوْنِيٌّ، وَمَنْ أَثْبَتَهُ فَهُوَ مُوسَوِيٌّ مُحَمَّدِيٌّ. السَّابِعَ عَشَرَ: إِخْبَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَيْنَ رَبِّهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ بِسَبَبِ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ، فَيَصْعَدُ إِلَى رَبِّهِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مُوسَى عِدَّةَ مِرَارٍ٣. الثَّامِنَ عَشَرَ: النُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى رُؤْيَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَهُ تَعَالَى، مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِخْبَارُ النَّبِيِّ


١ صحيح، وهو قطعة من حديث جابر الطويل في حجة النبي صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم وأبو داود والدارمي وابن ماجه وغيرهم وقد أفردته في جزء لطيف، وضممت إليه كل ما وقع لي من الروايات والزيادات الثابتة عن جابر رضي الله عنه في سياق واحد، وعلقت عليه بتعليقات مفيدة. وقد طبع مرات في المكتب الإسلامي العامر.
٢ صحيح، رواه مسلم "٢/ ٧١" وغيره عن معاوية بن الحكم السلمي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للجارية: "أين الله؟ " قالت: في السماء، قال: "من أنا؟ " قالت: أنت رسول الله، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة". وهو مخرج في "الظلال" "٤٨٩ و٤٩٠", وفي "مختصر العلو" "ص٨١"، وقال الذهبي فيه: "حديث صحيح أخرجه مسلم ... ".
٣ متفق عليه: انظر سياقه في "مختصر العلو" "رقم ١٧".

<<  <   >  >>