للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض الحكام، مما جعل بعض أصحاب هذه العقيدة لا يتظاهرون بها -غالبًا- في تلك الأيام التي كان فيها بعض الناس مغرمًا بإتلاف كتب شيخ الإسلام, الأمر الذي أدى إلى فقدان أو ندرة بعض مؤلفات هذا الإمام العظيم مما حفز ابن عروة الحنبلي الدمشقي إلى حفظها في مجموعه الضخم المعروف بـ"الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني" فإنه أدخل فيه العديد من كتب شيخ الإسلام لأدنى مناسبة.

وقد استمرت هذه المحنة حتى العصور المتأخرة, فقد كان أحد المتنفذين في دمشق في أواخر القرن الماضي يتلف ما يستطيع جمعه مع كتب شيخ الإسلام وتلامذته وما وجد من كتبهم على رأيهم.

مستخدمًا في ذلك ما له من جاه وسلطان انتصارًا لمذهبه واعتقاده في "الحلول والاتحاد"١.

وظني أن هذه المحنة وهذا العداء لعقيدة السلف الصالح كانا وراء خفاء اسم المؤلف لهذا الشرح المبارك، وكانا وراء خفاء اسم شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم من الشرح، مع أنه نقل عنهما في كتابه نقولا جمة، ربما تبلغ في بعض المواطن صفحات.

وقد سبق لهذا الكتاب أن طبع مرتين٢، لكن طبعتنا هذه تمتاز بأنها مقابلة


١ انظر مقدمة كتاب "الكلم الطيب" ص٤ طبع المكتب الإسلامي.
٢ كانت أولاهما في مكة المشرفة ١٣٤٩هـ, وقد قامت بها لجنة من العلماء برئاسة العلامة الشيخ عبد الله بن حسن بن حسين آل الشيخ -رحمه الله تعالى، واعتمدوا فيها على نسخة خطية، كثيرة الغلط والتحريف، لم يتيسر لهم الوقوف على غيرها، فلم يألوا جهدًا في تصحيحها، وتقويم ما انحرف عن الصواب فيها جزاهم الله الخير، ولكن طبعتهم مع ذلك لم تخل من أغلاط كثيرة، ثم تصدى للنشر ثانية أستاذي العلامة المحدث الشيخ أحمد محمد شاكر -رحمه الله، فقام بطبعه في القاهرة سنة ١٣٧٣هـ معتمدًا الطبعة السالفة، واجتهد في تصحيح كلام الشارح، وقابل الأحاديث والآثار، فجاءت في طبعته أمثل من سابقتها وأقرب إلى الصحة. إلا أن في كلتا الطبعتين عيبًا لم يكن للقائمين عليهما حيلة في تداركه، فإن النسخة الخطية التي طبع عنها الكتاب في كلا المرتين لم يقتصر فسادها على ما فشا فيها من الغلط والتحريف، بل وقع فيها أيضًا سقط وخروم في مواطن كثيرة يبلغ بعضها ورقة كاملة، فاختل بذلك سياق الكلام، واضطرب نظامه، وأصبح فهم شطر كبير من هذا الكتاب متعذرًا على أكثر القراء.

<<  <   >  >>