للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ، فَقَرَأَ [عَلَيْهِ] الَّذِي قَرَأْتُ عَلَيْكَ١، فَقَالَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ لِي، فَلَمَّا أَبَى أَنْ يَرْضَى، قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي إِذَا عَمِلَ الْحَسَنَةَ سَرَّتْهُ وَرَجَا ثَوَابَهَا، وَإِذَا عَمِلَ السَّيِّئَةَ سَاءَتْهُ وَخَافَ عِقَابَهَا"٢. وَكَذَلِكَ أَجَابَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ بِهَذَا الْجَوَابِ. وَفِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: "آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ؟ شهادة أن لا إله إلا الله وحده لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ" ٣. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ تَكُونُ إِيمَانًا بِاللَّهِ بِدُونِ إِيمَانِ الْقَلْبِ، لِمَا قَدْ أَخْبَرَ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِيمَانِ الْقَلْبِ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ مَعَ إِيمَانِ الْقَلْبِ هُوَ الْإِيمَانُ, وَأَيُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ فَوْقَ هَذَا الدَّلِيلِ؟ فَإِنَّهُ فَسَّرَ الْإِيمَانَ بِالْأَعْمَالِ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّصْدِيقَ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ لَا تُفِيدُ [مَعَ] الْجُحُودِ. وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: "الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ، وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ"٤. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى الْمُغَايِرَةِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ, وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ [فِي حَدِيثِ سُؤَالَاتِ جِبْرِيلَ، فِي مَعْنَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ] وَقَدْ قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: "هذا جبرائيل أتاكم يعلمكم


١ قال عفيفي: انظر ص١٧٢ وما بعدها من كتاب "الأيمان".
٢ ضعيف بهذا السياق والإسناد، وعلته الانقطاع، واختلاط المسعودي، لكن صح الحديث من رواية أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجل، فقال: يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: "إذا سرتك حسنتك، وساءتك سيئتك فأنت مؤمن" , قال: يا رسول الله ما الإثم؟ قال: "إذا حاك في صدرك شيء فدعه"، رواه الحاكم "١/ ١٤" وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، إنما هو على شرط مسلم وحده، فإن ممطورا لم يخرج له البخاري في صحيحه. الصحيحة "٥٥٠".
٣ أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
٤ إسناده ضعيف، فيه علي بن مسعدة، قال العقيلي في "الضعفاء" قال البخاري: "فيه نظر" وقال عبد الحق الأزدي في "الأحكام الكبرى" "ق ٣/ ٢": "حديث غير محفوظ".

<<  <   >  >>