للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، [وَعَضُّوا عَلَيْهَا] بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"١. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، يَعْنِي الْأَهْوَاءَ، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ" ٢. وَفِي رِوَايَةٍ: قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي" ٣ فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَامَّةَ الْمُخْتَلِفِينَ هَالِكُونَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، إِلَّا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَيْثُ قَالَ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ، أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا أَفْضَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، أَبَرَّهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ، فَاعْرَفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ، وَتَمَسَّكُوا بِمَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَدِينِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهَدْيِ الْمُسْتَقِيمِ, وَسَيَأْتِي لِهَذَا الْمَعْنَى زِيَادَةُ بَيَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، عِنْدَ قَوْلِ الشَّيْخِ: وَنَرَى الْجَمَاعَةَ حَقًّا وَصَوَابًا، وَالْفُرْقَةَ زَيْغًا وَعَذَابًا.

قوله: "ونحب أهل العدل والأمانة، وَنُبْغِضُ أَهْلَ الْجَوْرِ وَالْخِيَانَةِ".

ش: وَهَذَا مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ وَتَمَامِ الْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّ الْعِبَادَةَ تَتَضَمَّنُ كَمَالَ الْمَحَبَّةِ وَنِهَايَتَهَا، وَكَمَالَ الذُّلِّ وَنِهَايَتَهُ. فَمَحَبَّةُ رُسُلِ اللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَحَبَّةُ الَّتِي لِلَّهِ لَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ، فَغَيْرُ اللَّهِ يُحَبُّ فِي اللَّهِ، لا مع الله، فإن


١ صحيح كما قال الترمذي انظر "الإرواء" "٢٤٥٥" و"السنة" لابن أبي عاصم "رقم ٢٧ - ٣٤".
٢ صحيح وهو مخرج في "الصحيحة" "٣٠٣ و٢٠٤" وفي "تخريج السنة" برقم "٦٣ - ٦٩".
٣ هذه الرواية فيها ضعف، وحسنها الترمذي في "الإيمان"، وهو ممكن باعتبار شواهده كما تقدم بيان في التعليق عليه "رقم ٢٦٣"، وقد ذكرت لها شاهدا في "الصحيحة" تحت الحديث "٢٠٤" ص١٧.

<<  <   >  >>