للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: والصراط، أي: وتؤمن بِالصِّرَاطِ، وَهُوَ جِسْرٌ عَلَى جَهَنَّمَ، إِذَا انْتَهَى النَّاسُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ مَكَانَ الْمَوْقِفِ إِلَى الظُّلْمَةِ الَّتِي دُونَ الصِّرَاطِ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ الله عنها: إن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ؟ فَقَالَ: "هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ" ١. وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَفْتَرِقُ الْمُنَافِقُونَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَتَخَلَّفُونَ عَنْهُمْ، وَيَسْبِقُهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَيُحَالُ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ, وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدِهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، إِلَى أَنْ [قَالَ]: "فَيُعْطَوْنَ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، وَقَالَ: فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ النَّخْلَةِ بِيَمِينِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى دُونَ ذَلِكَ بيمينه، حتى يكون آخر مَنْ يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ، يُضِيءُ مَرَّةً وَيُطْفَأُ مَرَّةً، إِذَا أَضَاءَ قَدَّمَ قَدَمَهُ، وَإِذَا طُفِئَ قَامَ، قَالَ: فَيَمُرُّ وَيَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَالصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ، دَحْضٌ، مَزِلَّةٌ، فَيُقَالُ لَهُمْ: امْضُوا عَلَى قَدْرِ نُورِكُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ الْكَوْكَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالطَّرْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّجُلِ، يَرْمُلُ رَمَلًا، فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قدمه، تخر يد، وتعلق يد، وتخر ٢ رِجْلٌ، وَتَعْلَقُ رِجْلٌ، وَتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ، فَيَخْلُصُونَ، فإذا خلصوا قالوا: الحمد الله الَّذِي نَجَّانَا مِنْكِ بَعْدَ أَنْ أَرَانَاكِ، لَقَدْ أعطانا الله ما لم يعط أحد" ٣ ... الحديث.


١ رواه مسلم "١/ ١٧٣".
٢ في الأصل: تجر.
٣ صحيح: وأخرجه الحاكم "٢/ ٣٧٦"، وأظن أن البيهقي من طريقه رواه، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين", ووافقه الذهبي! قلت, وفيه يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاتي، ولم يخرج له الشيخان شيئا، ثم هو وإن كان صدوقا، فقد كان يخطئ كثيرا، وكان يدلس، كما في "التقريب". وقد صرح في هذا الأثر بالتحديث، فأمنا بذلك تدليسه,
فإنما يخشى منه الخطأ فيه، لكنه قد توبع كما يأتي، فأمنا بذلك خطأه أيضا، وقد أخرجه الحاكم أيضا "٤/ ٥٩٠ - ٥٩٢" بتمامه مطولا, وكذلك الطبراني في "المعجم الكبير" " ٣/ ٤٦/ ٢ - ٤٧/ ٢" من طريق أبي خالد هذا عن ابن مسعود مرفوعا وقد تابعه زيد بن أبي أنيسة مرفوعا أيضا =

<<  <   >  >>