للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُ، قَالَ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلِّمِ النَّاسَ سُنَّتِي وَإِنْ كَرِهُوا ذَلِكَ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ لَا تُوقَفَ عَلَى الصِّرَاطِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى تَدَخُلَ الْجَنَّةَ، فَلَا تُحْدِثَنَّ فِي دين الله حدثا برأيك"١, أورد الْقُرْطُبِيُّ, وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سليمان النجار، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: جُزْ يَا مُؤْمِنُ، فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي"٢.

وَقَوْلُهُ: وَالْمِيزَانُ، أَيْ: وَنُؤْمِنُ بِالْمِيزَانِ. قَالَ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٤٧]. وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: ١٠٢ - ١٠٣]. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِذَا انْقَضَى الْحِسَابُ كَانَ بَعْدَهُ وَزْنُ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ لِلْجَزَاءِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمُحَاسَبَةِ، فَإِنَّ الْمُحَاسَبَةَ لِتَقْرِيرِ الْأَعْمَالِ، وَالْوَزْنَ لِإِظْهَارِ مَقَادِيرِهَا لِيَكُونَ الْجَزَاءُ بِحَسَبِهَا. قَالَ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧] , يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَوَازِينُ مُتَعَدِّدَةٌ تُوزَنُ فِيهَا الْأَعْمَالُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمَوْزُونَاتِ، فَجَمَعَ بِاعْتِبَارِ تَنَوُّعِ الْأَعْمَالِ الْمَوْزُونَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ: أَنَّ مِيزَانَ الْأَعْمَالِ لَهُ كِفَّتَانِ حِسِّيَّتَانِ مُشَاهَدَتَانِ, رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن اللَّهَ سَيَخْتَصُّ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مَدُّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا أَظَلَمَتْكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ قَالَ: لَا، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَلَكَ عُذْرٌ أَوْ حَسَنَةٌ؟ فَيُبْهَتُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ، لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ، فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ أحضروه، فيقول: يا رب، وما


١ موضوع: وهو قطعة من حديث رواه أبو نعيم والخطيب عن أبي هريرة مرفوعا، وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، وتكلمت عليه في "الأحاديث الضعيفة" "٢٦٥".
٢ ضعيف: رواه الطبراني وابن عدي وأبو نعيم وغيرهم بسند فيه ضعف وانقطاع.

<<  <   >  >>