للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مات وأبو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ١ - فَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ- إِلَى أَنْ قَالَتْ: وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أمير! فذهب إليهم أبو بكر [الصديق]، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ، فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أني [قد] هَيَّأْتُ فِي نَفْسِي كَلَامًا قَدْ أَعْجَلَنِي، خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ! ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: نَحْنُ الْأُمَرَاءُ، وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، فَقَالَ حُبَابُ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ, هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ، وأعزهم أحسابا، فبايعوا عمر [بن الخطاب]، أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا، وَخَيْرُنَا، وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ، فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدًا، فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللَّهُ٢. وَالسُّنْحُ: الْعَالِيَةُ، وَهِيَ حَدِيقَةٌ بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوفَةٌ بِهَا.

قَوْلُهُ: "ثُمَّ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ".

ش: أَيْ وَنُثْبِتُ الْخِلَافَةَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، [لعمر رضي الله عنه] , وَذَلِكَ بِتَفْوِيضِ أَبِي بَكْرٍ الْخِلَافَةَ إِلَيْهِ، وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ عَلَيْهِ, وَفَضَائِلُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُنْكَرَ، وَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ, فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ أنه قال: قلت لأبي: فقلت يَا أَبَتِ، مَنْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، أَوَمَا تَعْرِفُ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عُمَرُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ عُثْمَانُ! فَقُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ فقال. ما أنا إلا رجل من


١ "السنح" بضم السين المهملة وسكون النون -ويجوز ضمها- وآخره حاء مهملة, طرف من أطراف المدينة بعواليها، كان بينها وبين منزل النبي صلى الله عليه وسلم ميل، وكان بها منزل أبي بكر.
٢ صحيح، أخرجه البخاري دون مسلم خلافا للمصنف رحمه الله، وروى طرفه الأخير ابن أبي عاصم "١١٦٦". ثم روى قصته قول الأنصار: "منا أمير ومنكم أمير" من حديث ابن مسعود "١١٥٩" وكذلك رواه أحمد وغيره، وهو مخرج في "الظلال".

<<  <   >  >>