٦١ - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْأُيُلِّيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ اللَّخْمِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِبَدْءِ إِسْلَامِي، بَيْنَا أَنَا فِي طَلَبِ نَعَمٍ لِي إِذْ جَنَّ اللَّيْلُ بِأَبْرَقَ الْعِزَافِ، فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أَعُوذُ بِعَزِيزِ هَذَا الْوَادِي مِنْ سُفَهَائِهِ، وَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِي فَقَالَ:
[البحر الرجز]
عُذْ يَا فَتَى بِاللَّهِ ذِي الْجَلَالِ ... وَالْمَجْدِ وَالنَّعْمَاءِ وَالْأَفْضَالِ
وَاقْرَأْ بِآيَاتٍ مِنَ الْأَنْفَالِ ... وَوَحِّدِ اللَّهَ وَلَا تُبَالِ
قَالَ: فَارْتَعْتُ مِنْ ذَلِكَ رَوْعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي، قُلْتُ:
[البحر الرجز]
يَا أَيُّهَا الْهَاتِفُ مَا تَقُولُ ... أَرُشْدٌ عِنْدَكَ أَمْ تَضْلِيلُ
بَيِّنْ لَنَا هُدِيتَ مَا الْعَوِيلُ
فَقَالَ:
هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ذُو الْخَيْرَاتِ ... يَدْعُو إِلَى الْخَيْرَاتِ وَالنَّجَاةِ
⦗١١١⦘
يَأْمُرُ بِالصَّوْمِ وَبِالصَّلَاةِ ... وَيَزَعُ النَّاسَ عَنِ الْهَنَاتِ
قَالَ: فَأَتْبَعْتُ رَاحِلَتِي، وَقُلْتُ:
أَرْشِدْنِي رُشْدًا بِهَا هُدِيتَا ... لَا جُعْتَ يَا هَذَا، وَلَا عُرِيتَا
وَلَا صَحِبْتَ صَاحِبًا مَقِيتَا ... لَا يَثْوِيَنَّ الْخَيْرُ إِنْ ثُوِيتَا
قَالَ: فَأَتْبَعَنِي، وَهُوَ يَقُولُ:
صَاحَبَكَ اللَّهُ وَسَلَّمَ نَفْسَكَا ... وَبَلَّغَ الْأَهْلَ وَسَلَّمَ رَحْلَكَا
آمِنْ بِهِ أَفْلَحَ رَبِّي حَقَّكَا ... وَانْصُرْ نَبِيًّا عَزَّ رَبِّي نَصْرَكَا
قَالَ: فَدَخَلْتُ الْمَدِينَةَ، فَطَلَعْتُ فِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: ادْخُلْ رَحِمَكَ اللَّهُ، فَقَدْ بَلَغَنَا إِسْلَامُكَ، فَقُلْتُ: لَا أُحْسِنُ الطُّهُورَ، فَعُلِّمْتُ، وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ، وَهُوَ يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى صَلَاةً يَعْقِلُهَا، يَحْفَظُهَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» . فَقَالَ عُمَرُ: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ لَأُنَكِّلَنَّ بِكَ، قَالَ: فَشَهِدَ لَهُ شُوَيْخُ قُرَيْشٍ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَأَجَازَ شَهَادَتَهُ. "