الحمد لله الواحد بلا كيفية تقع بها الإحاطة، والأزليّ بلا وقت تنسب الصفات إليه، حمداً يورد من جليل نعمه، وجزيل قسمه، مشرباً عذباً ومَسحباً رحباً، وصلى الله على سيدنا محمد ما أورق شجر، وأينع ثمر، وعلى الطاهرين من عترته وسلم تسليما.
وبعد فسح الله لنا في مدّتك، ووفقنا لما نؤثره من خدمتك، فإنَّا رأيناك بأشعار المحدثين كلِفاً، وعن القدماء والمخضرمين منحرفاً، وهذان الشريجان هما اللذان فتحا للمحدثين باب المعاني فدخلوه، وأنهجوا لهم طرق الإبداع فسلكوه، أمَا سمعتَ، زاد الله قدرك علوا ورفعةً وسموّاً، قول الشاعر:
فلو قبل مبكاها بكيتُ صبابةً ... إليها شفيتُ النَّفس قبلَ التندُّمِ
ولكن بكتْ قبلي فهيَّج لي البكا ... بُكاها فقلتُ الفضلُ للمتقدِّمِ
ومن أمثالهم السائرة: ما ترك الأوَّل للآخر شيئاً، إلاَّ أنَّ أبا تمام لم يرض بهذا المثل حتَّى قال يصف قصيدةً له:
لا زلت من شكريَ في حلة ... لابسُها ذو سلب فاخرِ
يقول من تقرعُ أسماعَه ... كم ترك الأوَّلُ للآخرِ
ومن المعنى الأول قول عنترة:" هل غادر الشعراء من متردّم؟ "