شيئاً! سبحان الله! ما أعظمها من دروس، أين دعاة اليوم من هذه الدروس العظيمة في الصبر والحلم والعفو والصفح؟
فلو دعا عليهم ووافق الملَك فيما أُمر به لهلكت قريش، ولكن ثم ماذا؟ فإذا هلكت قريش وهي ريحانة العرب فماذا بقي؟
لكن يظهر أيضاً أن القضية أكبر من ذلك، فهي دروس تعليمية للدعاة من أمته عليه الصلاة والسلام، فلو أن كل من أصابه بلاء انتقم لنفسه لم يبق للصبر ثمرة، كيف وقد رتب الله عليه أعظم الأجر، حيث قال جل شأنه:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة:١٥٥-١٥٧] .
وما هي إلا سنوات قلائل، وتفتح مكة على يد النبي صلى الله عليه وسلم، في السنة الثامنة من الهجرة وتتحقق دعوته صلى الله عليه وسلم، ويُسْلم بقية أهل مكة بعد أن عفا عن كل من ناصبه العداء، ثم تأتي ثقيف فتدخل في الإسلام، ويعم الخير العظيم هاتين القبيلتين، وشاء الله أن يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم ويتوفاه بعد فترة وجيزة تقارب السنتين، ويرتد كثير من العرب عن الإسلام، لكن العجب أن قبائل قريش وثقيف لم يرتد منهم أحد، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول:"خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا"(١) . فقد كانت قريش من خيار العرب، وكيف لا يكونون كذلك والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم منهم؟ وهكذا نرى آثار تلك الدعوات الصادقة قد آتت ثمارها، وذلك الحِلْم والعفو والصبر والصفح أثمر غراسه، فصلى الله عليه وسلم.
٣- خرج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة من الهجرة لفتح خيبر، وكانت