الكتابات قديما وحديثا؛ لأن هذه الأقوال فيها من التمويه والمغالطات الشيء الكثير، ذلك أن علاقة العقل بالشرع هي علاقة تعلم وتلقٍّ خاصة ما يتعلق منه بالغيبيات، ومن المعلوم أن العقل دلنا على صدق الرسول في كل ما أخبر به، وأصبحت طاعة الرسول واجبة في ذلك.
وكثيرا ما نجد في كتابات السلف ضرب الأمثلة التي يوضحون بها نوع العلاقة بين العقل والوحي ليقربوا بها المسألة إلى الأفهام، فهي تشبه إلى حد كبير موقف الرجل العامي الذي يعلم أن فلانا من الناس هو المفتي وجاء إليه من يسأله عن هذا المفتي فدله عليه، وبين له أنه العالم المفتي الذي يستفتيه الناس عند الحاجة، ثم اختلف هذا الرجل العامي مع العالم المفتي وقال لسائله: يجب أن تسمع قولي ولا تسمع قول المفتي، وحينئذ يجب على السائل المستفتي أن يقدم قول المفتي لا قول الرجل العامي.
فإذا قال له الرجل العامي: أنا الأصل في علمك بأنه مفت, فإذا قدمت قوله على قولي عند الاختلاف كان ذلك قدحا في الأصل الذي علمت به أنه مفت.
قال له السائل: أنت شهدت بأنه عالم مفت, وزكيته ودللت عليه فشهدت بوجوب إتيانه, والأخذ عنه دون تقليدك، وموافقتي لك في العلم بأنه مفت لا يستلزم بالضرورة أنني أوافقك في العلم بأعيان