أولا: إذا كان العقل أصلا في علمنا بالشرع, فإن قضايا الغيب كالإيمان بالله والنبوة واليوم الآخر والصفات الإلهية، هي من الثوابت التي لا مدخل للعقل فيها إلا العلم بها فقط، على ما أخبر به الرسول عنها. أما ما يتصل بحياة الناس اليومية من الشرعيات في مسائل السياسة والاجتماع وما يتفرع عنهما، فهي محل اجتهاد العقول لتستنبط من الأحكام الشرعية ما يسدّ حاجات الناس اليومية المتجددة، وهذه التفرقة بين الثوابت والمتغيرات في علاقة العقل بالشرع أمر على جانب كبير من الأهمية؛ حتى لا تختلط الأوراق عند البعض، فيظن أن ما هو ثابت قابل للاجتهاد العقلي، أو أن ما هو من قبيل المتغيرات يثبت عند حدود وعصر معين, أو اجتهاد فقيه معين.
ثانيا: إذا كان العقل أصلا في علمنا بالشرع، وظهر في الشرعيات ما يعز على العقل فهمه، فلا ينبغي للعقل أن يتهم الشرع أو يرده، ولا ينبغي للعقلاء أن يقولوا: نحن نأخذ بدليل العقل ونرد دليل الشرع، بدعوى أننا لو رفضنا الأخذ بدليل العقل لكان ذلك قدحا في الشرع؛ لأننا عرفنا الشرع بالعقل ولو رددنا أحكام العقل الذي به عرفنا الشرع لكان ذلك رفضا للشرع أيضا. أو غير ذلك من المقولات التي نجدها في بعض