هذه الحركة الفلاسفة المشاءون أمثال الفارابي وابن سينا والغزالي وابن رشد، كما عالجها علماء الكلام -خاصة المعتزلة- وبعض أئمة الأشاعرة كالرازي والجويني، وكذلك عالجها من علماء السلف شيخ الإسلام ابن تيمية. ولقد اختلفت المنطلقات الفكرية لكل مفكر في تناوله لهذه القصة، فهناك من جعل العقل أصلا وتأول الوحي لصالح العقل، وهناك من جعل الوحي أصلا وتأول مفاهيم العقل لصالح الوحي، وهناك من فصل القول وناقش المسألة على وجوهها المختلفة فجعل للعقل ميدانه الذي لا يخطئ فيه, وجعل للوحي ميدانه الذي هو أصل ومرجع أساس فيه، ومن هنا اختلفت أساليب المعالجة وتنوعت مناهج المفكرين حول هذه القضية.
أما في عصرنا الحاضر فقد تشابهت فيه المسائل إلى حد كبير مع عصر الترجمة في العصر العباسي، وظهرت فيه مقولات تشبه إلى حد كبير تلك المقولات التي ظهرت في عصر الترجمة، ويعيش العالم الإسلامي الآن حالة نفسية من الانهزامية التي جعلته مستعدا لتقبل كل ما يقال ويتردد في الحضارات المختلفة خاصة الحضارة الأوروبية المعاصرة، والتي تمثل في عصرنا دور المنتصر والحضارة الغالبة، والتي يطالب البعض بأن تكون هي النموذج والمثال الذي يجب تقليده واتباعه. فبعد حركة الترجمة في العصرالعباسي ظهرت مقولة أن العقل يعارض النقل، وكان المراد بالعقل