خالفوا هذا القول، وذكروا أنه لا يعقل، وذكر -رحمه الله تعالى- أن الفلاسفة وأهل الاتحاد لم يفرقوا بين القديم والحديث، ولا بين المأمور والمحظور، وقد وقع كثير من الصوفية في هذا الضلال، وكلتا الطائفتين ضلوا، وأضلوا عن سواء السبيل.
وقال -رحمه الله تعالى-: إن ابن سينا ومن تبعه أخذوا أسماء جاء بها الشرع، ووضعوا لها مسميات مخالفة لمسميات صاحب الشرع، فأخذوا مخ الفلسفة وكسوه ثوب الشريعة، وهذا كلفظ الملك والملكوت والجبروت واللوح المحفوظ، كما يوجد في كلام أبي حامد -يعني الغزالي- ونحوه من أصول هؤلاء الفلاسفة الملاحدة، الذين يحرفون كلام الله ورسوله.
(قلت) : ومن ذلك ما ذكره العلامة ابن القيم عنهم من أنهم يقولون: "عناية إلهية". وتحت هذه الكلمة نفي القدر والحكمة.
[الرد على تفسير الورقة لكلمة التوحيد]
ثم إن هذا في ورقته صرح بأن معنى "لا إله إلا الله" مثل: "لا شمس إلا الشمس" استثناء للشيء من نفسه، وهذا قول في غاية الضلال والجهل، باطل بأدلة الكتاب والسنة، لا يقوله أحد من الأولين والآخرين، ولا في لغة أحد، وليس في المعقول والمنقول إلا رده وإبطاله، ومن لم يعرف بطلان هذا القول فلا حيلة فيه.
وتأمل قول هذا أيضا: وخلاصة المعنى سلب مفهوم الإله لما سوى الله، وإيجابه له، وانحصاره فيه، وصرح بهذا المراد بـ "إلا الله".
(قلت) : من يسمع كلامه هذا ظن أنه حق، وقد بناه على ما مثل به:"لا شمس إلا الشمس"، وحقيقة هذا القول أن الإله واحد، يبينه قوله: سلب مفهوم الإله على ما تقدم له من أن المنفي كلي لا يوجد منه في الخارج إلا فرد.
وقد عرفت مما قدمناه أن توحيد الأنبياء والمرسلين البراءة من عبادة الأصنام والأوثان والطواغيت، وكلها موجودة في الخارج بأعيانها كما قال -تعالى- عن قوم نوح: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ