للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

به. وغاية ما يفهم من حديث الأعمى التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم كما فهمه منه ابن عبد السلام. وقد بين شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله تعالى معنى الحديث وأوضحه غاية الإيضاح.

ولفظ الحديث: "أن رجلا أعمى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله أن يكشف عن بصري، قال: إن شئت دعوت لك الله وإن شئت صبرت. قال: ادعه. فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين، ويقول: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه في" ١ هذا لفظه. وليس فيه حجة لهذا في جواز الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم فهو لم يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد عليه بصره، وإنما طلب منه صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له، وليس في الحديث صراحة لما فهمه ابن عبد السلام.

قال شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله بعد كلام ذكره: ومن هذا استشفاع الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، بمعنى أنهم [يطلبون منه أن يشفع إلى الله كما كانوا في الدنيا] ٢ يطلبون منه أن يدعو لهم في الاستسقاء وغيره. وقول عمر: إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. معناه: نتوسل إليك بدعائه وشفاعته وسؤاله، ونحن نتوسل إليك بدعاء عمه وسؤاله وشفاعته، وليس المراد أنا نقسم عليك به، أو ما يجري هذا المجرى مما يفعل بعد موته وفي مغيبه كما يقول بعض الناس: أسألك بجاه فلان عندك، أو يقولون: إنا نتوسل إلى الله بأنبيائه ورسله وأوليائه. ويرون حديثا موضوعا: "إذا سألتم الله فأسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عريض" ٣، فلو كان هذا التوسل الذي كان الصحابة


١ أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات، باب ١١٩ حديث ٣٥٧٨، وابن ماجه، كتاب اقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الحاجة، حديث ١٣٨٥، وصححه العلامة الألباني، انظر صحيح ابن ماجه رقم ١١٤٥.
٢ ما بين المعكوفين سقط من "ب".
٣ لا أصل له، ذكره العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة رقم ٢٢.

<<  <   >  >>