للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

معاني القرآن في المفصل، وجمع معاني المفصل في الفاتحة، وجمع معاني الفاتحة في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وهما الكلمتان المقسومتان بين الرب وبين عبده نصفين فنصفها له وهو {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ونصفها للعبد وهو {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} انتهى.

فالله سبحانه فرض على العباد أن يعبدوه وحده، وأن يستعينوا به وحده، وهذا الملحد المفتري على الله الكذب يقول إن الله يأمركم أن تستعينوا بالأموات والغائبين وترغبوا إليهم في مهماتكم!! ما أعظم هذه المحادة لله وقد قال تعالى: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} أي ارغب إليه لا إلى غيره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" ١. وقد قررنا فيما تقدم تعريف العبادة وأن كل ما أمر الله به ورسوله أمر إيجاب أو استحباب فهو عبادة، فإذا دعوت الله فقد عبدته، فإذا دعوت غيره من ميت أو غائب أو حجر أو شجر فقد عبدت ذلك الغير، فإذا سجدت لله فقد عبدته، [فإذا سجدت لغيره صرت عابدا لذلك الغير، فإذا ذبحت لله فقد عبدته] ٢، فإذا ذبحت لغيره صرت عابدا له، وهكذا سائر العبادات، هذا مع أن نصوص القرآن في النهي عن دعاء غير الله وذم من فعل ذلك والإنكار عليه أكثر من النهي عن خاصية السجود لغيره كما هو معلوم عند الخاصية والعامة.

قال شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله في الكلام على دعوة ذي النون: لفظ الدعاء والدعوة في القرآن يتناول دعاء العبادة ودعاء المسألة، وفسر قوله سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} بهذا وهذا٣.

وقال ابن القيم في بدائع الفوائد بعد آيات ذكرها: وهذا في القرآن


١ تقدم تخريجه ص ٨١.
٢ ما بين المعكوفين سقط من "ب".
٣ في "أ" "بالوجهين".

<<  <   >  >>