أرأيت لو ضربتك بكف من تراب أكنت أقتلك؟ قال: لا قال: فإن ضربتك بكف من تبن اكنت أقتلك؟ قال: لا قال: فإن ضربتك ب [كف من] ماء أكنت أقتلك؟ قال: لا قال: فإن أخذت الماء والتبن والتراب فجعلته طينا وتركته حتى يجف وضربتك به أكنت أقتلك؟ قال: نعم قال: كذلك النبيذ١.
ومعنى كلامه أن القوة المسكرة [هي] الحاصلة بالتركيب وكذلك ما نحن فيه الذي يسكر النفوس ويلهيها ويصدها عن ذكر الله وعن الصلاة قوة تحصل بالتركيب والهيئة الاجتماعية وليست الأصوات المجتمعة في استفزازها للنفوس بمنزلة الصوت الواحد وكذلك الصوت الملحن الذي يوقع به الغناء على توقيع معين وضرب معين لا سيما مع مساعدة آلات اللهو له بمنزلة إنشاد الشعر إذا تجرد عن ذلك وهل تروج هذه الشبهة إلا على ضعيف العلم والمعرفة ناقص الحظ منهما جدا؟.
فإن قيل: إن ما ذكرت من وجوب التسليم لأحكام الشرع سواء عرفت الحكمة أو لا هو أمر واجب لا يرتاب فيه مسلم وإن كان بعضهم - مع الأسف - يخالف في ذلك عمليا كما لا يشك أحد في وجوب التسليم لتحريم الربا ونحوه وإن كان الكثير من المسلمين يستحلونه عمليا وبخاصة في هذا الزمان وبناء على ما تقدم من الأدلة على تحريم الغناء المبين هناك يجب الإعراض عنه عمليا وعدم الاستماع له ولكن السؤال الذي يطرح نفسه - كما يقولون اليوم - هو: هل ثبت في الشرع ما يبين حكمة تحريمه؟
١رواه ابن عساكر ٣/٣٣٠- ٣٣١، من طريق ابن أبي الدنيا.