الفئتين، فلا يرجع هذا القول إلا على قائله. ونسأله الله السلامة من الأهواء المضلة.
فإن قيل: أنتم وإن تأولتم. فإن تأويلكم لا يزيح الشك في أفعالهم، والشك في أفعالهم يلزم منه الشك في عدالتهم.
قلنا: الإجماع الذي حكيناه من إمتناع إسقاط عدالة جميع الصحابة، حجة قاطعة في أن هذا الشك غير مؤثر. فإذا انضم ذلك إلى ما تقدم من الأدلة الدالة على عدالتهم، واستصحبنا ذلك في كل١ فرد منهم كان هذا الشك مندفعاً. كيف ونحن إنما نتأول تأويلاً في كلّ قصة. هو الظاهر المستفاد ظهوره منها كما سيأتي بيان بعضه إن شاء الله تعالى قريباً.
وهذا أمر معمول به –أعني استصحاب العدالة- وأنها لا ترفع بالشك في حق من ثبتت عدالته بشاهدين وشهادتهما لم يفد إلا الظن المجرد. بجريان ذلك في حق من هو مقطوع بعدالته بتعديل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى.
وبهذا يتبين أنه ليس المعنى بعدالة كل واحد من الصحابة رضي الله عنهم أن العصمة له ثابتة والمعصية عليه مستحيلة. ولكن المعنى بهذا أن روايته مقبولة وقوله مصدق ولا يحتاج إلى تزكية كما يحتاج غيره إليها؛ لأن استصحاب الحال لا يفيد إلا ذلك.
هذا ما يتعلق بالطريق الإجمالي. وأما التفصيلي:
فلأئمتنا المتقدمين فيه مصنفات مستقلة، ويطول الكلام به هنا إن تعرضنا للجميع. ولكن نشير إلى فصل موجز يتعلق بوقعة الجمل
١ سقط من نسخة كراتشي ما بعد كلمة ((كل)) قدر ثلاث ورقات. وانتهى السقط عند عبارة ((رواية غيره)) .