للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أمراً كان مفعولا. قدر وقوعه في الأزل. وإن كان اجتهاد علي رضي الله عنه أقرب إلى الحق. وإن أكثر من قام مع طلحة والزبير ممن ليست له صحبة. لم يكن مقصده باطناً للاجتهاد الذي هو مأخذ طلحة والزبير.

بدليل أن مروان بن الحكم كان من جملة من معهما وهو الذي باشر قتل طلحة رضي الله عنه. فالمقصود أن الصحابة رضي الله عنهم إنما قاموا مجتهدين فيما نقلوه والإثم منحط عن المجتهد إذا استفرغ جهده. لا فرق فيه بين الدماء وغيرها.

وذلك يرفع سمة النقص والغض عن أكابر الصحابة رضي الله عنهم. وبسط الكلام يطول به المقام ويخرج عن المقصود. وفي جميع ما تقدم كفاية لمن نور الله قلبه، ولم يمل به الهوى إلى الانحراف. وبالله التوفيق.

وأما معاوية رضي الله عنه وإن كانت فئته باغية على علي رضي الله عنه بنصّ النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال:

٣٧- "تقتل عماراً الفئة الباغية" ١.

فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم بما أطلعه الله عليه أن معاوية سيملك، وقال له:

٣٨- "إن ملكت فاعدل" ٢.


١ الحديث صحيح. رواه الإمام البخاري في كتاب الصلاة. باب التعاون في بناء المسجد، ولفظه: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار".
ورواه الإمام مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، بلفظ ما في المخطوط.
قال الحافظ ابن حجر: "روى حديث تقتل عماراً الفئة الباغية جماعة من الصحابة. ذكرهم ثم قال: وغالب طرقها صحيحة أو حسنة".
انظر: فتح الباري ١/٥٤١-٥٤٣، صحيح مسلم ١٨/٤١.
٢ قال الحافظ ابن حجر: "وفي مسند أبي يعلى عن سويد بن شعبة عن عمرو بن يحيى بن سعيد عن جده سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن معاوية قال:
"اتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فلما توضأ نظر إليّ فقال: يا معاوية إن وليت أمراً فاتق الله واعدل. فما زلت أظن أني مبتلى". سويد فيه مقال، وقد أخرجه البيهقي من وجه آخر.
قال الإمام السيوطي: "أخرج إبن أبي شيبة والطبراني في الكبير عن عبد الملك بن عمير قال:
قال معاوية: ما زلت أطمع في الخلافة منذ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معاوية إذا ملكت فأحسن". قال السيوطي: قد ورد في فضله أحاديث قلما تثبت".
انظر: مجمع الزوائد ٩/٣٥٦، الإصابة ٣/٤٣٣، تاريخ الخلفاء ١٩٤.

<<  <   >  >>