لم يرتِّب المؤلف - رحمه الله - كتابه على طريقة معينة، بل يورد الأبواب كما اتفقت له، فنجد أحاديث الوضوء فيه متفرقة من أول الكتاب إلى آخره، وكذلك أحاديث الصلاة والصيام وسائر الشرائع والأحكام. والطريقة التي اتبعها المؤلف في كتابه هذا هي أنه يدرج تحت كل باب حديثين ظاهرهما التعارض مما يتضمنهما العنوان الذي وضعه لهما، فيورد أسانيدهما ويسرد طرقهما وألفاظهما، ثم يبسط القول في مواضع الخلاف فيهما، ثم يتناولهما بالشرح والبيان والتحليل حتى تأتلف معانيهما وينتفى عنهما الاختلاف ويزول التعارض، وقد اشترط في التوفيق بين الحدثين المتعارضين أن يكون كل منهما في مرتبة واحدة من الصحة والسلامة، فإذا كان أحدهما ضعيفاً اطَّرحه وأخذ بالقوي، لأن القوي لا يؤثر فيه معارضة الضعيف. أما إذا كانا في مرتبة واحدة من الصحة والسلامة، فهو لا يألوا جهداً في البحث عن معنى يوفق بينهما ويزيل تعارضهما، وإذا تضادَّا ولا سبيل إلى الجمع بينهما؛ فإن علم تاريخ كل واحد منهما حكم على المتقدم بالنسخ وصار إلى الناسخ المتأخر، وإذا جهل تاريخهما، فإنه يلجأ إلى ترجيح أحدهما بما يٌعتَدُّ به من وجوه الترجيح وهي كثيرة، بسطها المؤلف في أكثر من موضع في كتابه هذا. ١
١ انظر: مقدمة تحقيق مشكل الآثار بقلم شعيب الأرناؤوط ١ / ٣ – ٤ ومن الأمثلة على ذلك: ١ / ٨٢ – ٨٣ باب بيان مشكل ما روي عنه صلى الله عليه وسلم في الأعداد من الزمان التي لو وقفها من مرَّ بين يدي المصلي كانت خيراً له ١ / ٨٥ – ٩١ باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: "إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم".