للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكة فلقيت عبد الله بن عطاء، فقلت: حديث الوضوء، فقال: عقبة بن عامر فقلت: يرحمك الله سمعتَ منه قال: لا، حدثني سعد بن ابراهيم، فأتيت مالك بن أنس - وهو حاج - فسألته عن سعد بن ابراهيم، فقال لي: ما حج العام، فلما قضيتُ نسكي مضيت إلى المدينة فلقيت سعد بن ابراهيم فقلت: حديث الوضوء، فقال: من عندكم خرج، حدثني زياد ابن مخراق، فانحدرت إلى البصرة فلقيت زياد بن مخراق وأنا شاحب اللون وسخ الثياب كثير الشعر، فقال: من أين فحدثته الحديث، فقال: ليس هو من حاجتك، قلت: فما بد، قال: لا، حتى تذهب تدخل الحمام وتغسل ثيابك، ثم تجيء فأحدثك به، قال: فدخلت الحمام وغسلت ثيابى، ثم أتيته، فقال: حدثني شهر بن حوشب عن أبى ريحانة، فقلت: هذا حديث صعد ثم نزل، دمِّروا عليه، ليس له أصل. ١

أهمية هذه الرحلة وأهدافها:

كان للرحلة أثرٌ في شيوع الأحاديث وتكثير طرقها، كما كان لها أثرٌ في معرفة الرجال بصورة دقيقة، لأن المحدِّث يذهب إلى البلدة فيتعرف على علمائها ويخاطبهم ويسألهم، ولذلك اتسع نطاق الرحلة


١ في هذين النموذجين بيانٌ لتلك الجهود المضنية التي بذلها السلف – رحمهم الله – في سبيل تنقية السنَّة المطهَّرة مما أدخله الزنادقة والكذَّابون عليها، وذب الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنَّ ما قام به هذان الإمامام – المؤمل وشعبة – ما هو إلا نموذج واحد من تلك النماذج الكثيرة التي كان يقوم بها السلف – رضوان الله عليهم – في سبيل خدمة هذا الدين والذود عن حياضه، وهذان النموذجان مثالٌ لذلك الصبر، وتلك المثابرة في طلب العلم والدقَّة في تتبع مسائله، وتحمل الجهد والمشقة في تصحيحه، ثم نشره وتعليمه للناس، فأين طلبة العلم اليوم من هذا العمل، وماذا قدَّموا لخدمة سنَّة نبيِّهمصلى الله عليه وسلم ونشرها وتعليمها للناس.

<<  <   >  >>