المنطقي الذي يركبونه من مقدمات اصطلحوا عليها أنه - مقدَّمٌ على الوحي، وهذا من أعظم الباطل لأن ما يسمونه الدليل العقلي ويزعمون أن انتاجه للمطلوب قطعي، هو جهلٌ وتخبطٌ في الظلمات.
ومن أوضح الأدلة وأصرحها في ذلك أن هذه الطائفة تقول مثلاً: إنَّ العقل يمنع كذا من الصفات ويوجب كذا منها، وينفون نصوص الوحى بناء على ذلك، فيأتي خصومهم من طائفة أخرى ويقولون: هذا الذي زعمتم أن العقل يمنعه كذبتم فيه؛ بل العقل يوجبه، وما ذكرتم بأنه يجيزه أو يوجبه كذبتم فيه؛ بل هو يمنعه، وهذا معروف في الكلام في مسائل كثيرة معروفة كاختلافهم في أفعال العبد، وجواز رؤية الله بالأبصار، وهل العرض يبقى زمانين إلى غير ذلك. فيجب على المسلم أن يتقبل كل شىءٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح، ويعلم أنه إن لم يحصل له الهدى والنجاة باتِّباع ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فإنه لا يحصل له ذلك بتحكيم عقله التائه في ظلمات الحيرة والجهل، وعلى كل حال فإثبات صفات الله بأخبار الآحاد الصحيحة واعتقاد تلك الصفات كالعمل بما دلت عليه أوامر الله ونواهيه كما أنها تثبت بها أوامره ونواهيه، وكذلك تثبت بها صفاته، وقد بيَّنَّا أنها من إحدى الجهتين قطعية". ١
١ مذكرة أصول الفقه للشيخ محمد الأمين الشنقيطي ص: ١٠٤ – ١٠٥، والمراد بالجهتين: "أنه قطعيٌ من جهة غير قطعي من جهة أخرى، أما الجهة التي هو قطعيٌّ منها فهي: العمل به لأن الكتاب والسنَّة والإجماع كلها دالٌّ على العمل بخبر الآحاد أما الجهة التي هي غير قطعي منها فهي: كون الخبر صدقاً في ذات نفسه ".انظر كتاب: الرحلة إلى بيت الله الحرام للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى ص: ٩٨