قال الإمام الخطابي - رحمه الله - في معالم السنن ٢/٢٢: قيل في تأويل قوله صلى الله عليه وسلم: "غفرانك" بعد خروجه من الخلاء، قولان: أحدهما: أنه قد استغفر من تركه ذكر الله تعالى مدة لبثه على الخلاء، وكان- صلى الله عليه وسلم- لا يهجر ذكر الله تعالى - إلا عند الحاجة، فكأنه رأى هجران الذكر في تلك الحالة تقصيرا، وعده على نفسه ذنبا فتداركه بالاستغفار. الثاني: معناه التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم الله - تعالى- بها عليه، فأطعمه، ثم هضمه، ثم سهل خروج الأذى منه، فرأى شكره قاصا على بلوغ حق هذه النعم ففزع إلى الاستغفار منه والله أعلم. وورد من طريق أنس وأبى ذر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني" روى حديث أنس بن ماجه في كتب الطهارة ١/١١٠، رقم (٣٠١) ، وروى حديث أبي ذر ابن السني ص ١٤، رقم (٢٢) . قال العلامة الشوكانى- رحمه الله - في نيل الأوطار ١/٧٣: وفي حمده - صلى الله عليه وسلم - إشعار بأن هذه نعمة جليلة، ومنة جزيلة، فإن إنحباس ذلك الخارج من أسباب الهلاك، فخروجه من النعم التي لا تتم الصحة بدونها، وحق على كل من أكل ما يشتهيه من طيبات الأطعمة، فسدا به جوعته، وحفظ به صحته وقوته، ثم لما قضى منه وطره، ولم لحق فيه نفع، واستحال إلى تلك الصفة الخبيثة المنتنة، خرج بسهولة، من مخرج معد لذلك أن يستكثر من محامد الله جل جلاله، اللهم أوزعنا شكر نعمتك.