للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي تؤكد مباشرتك للفعل بنفسك.

والمعنى في هذه الآية يختلف عما في قوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ؛ لأن الأمور الثلاثة منتفية هنا، فأضاف العمل إلى الأيدي " عملت أيدينا "، وذكر الأيدي بالجمع، ولم يذكر الباء. فمن يجعل قول الله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} كقوله جل وعلا: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} فقد جعل خلق آدم وخلق الأنعام سواء، وليس هناك تشريف ولا تفضيل لآدم.

" وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التقى آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم، أنت أبونا، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. فقال آدم: أنت موسى، كلمك الله تكليماً، وخط لك التوراة بيده، واصطفاك برسالته، فبكم وجدت في كتاب الله: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} ؟ قال: بأربعين سنة. قال: فتلومني على أمر قدره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟! قال النبي صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى""

ثم ذكر المصنف رحمه الله حديث أبي هريرة المخرج في الصحيحين ١، وهو مشهور عند أهل العلم بحديث المحاجة بين آدم وموسى، وفيه فوائد عظيمة، منها: الإيمان بالقدر، وأنَّ الأمور كلَّها بتقدير الله عز وجل، وأنَّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

" التقى آدم وموسى " في بعض الروايات احتج آدم وموسى.

" خلقك الله بيده ": قل في هذه مثل قولك في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فقد أسند الخلق إلى الله، وذكر الباء، لكن لم يثن اليد، وإنما عبر بالمفرد عن المثنى، وهو سائغ كما سبق، بل إنَّ في


١ أخرجه البخاري " رقم ٦٦١٤ "، ومسلم " رقم ٦٦٨٤ ـ ٦٦٨٦ "

<<  <   >  >>