للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" ذكرته في نفسي " أي: ذكرَه الله عز وجل مقابل ذلك في نفسه، وهذا موضع الشاهد من الحديث، والمراد بنفسه ذاته المقدسة الموصوفة بالصفات.

" وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " أي: الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

وفي هذا الحديث شاهد للقاعدة المشهورة: الجزاء من جنس العمل، قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الأِحْسَانِ إِلا الأِحْسَانُ} ١،هذا في الإحسان.

وفي الإساءة يقول الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى} ٢.

" في ملأ خير منهم " هذا من أقوى ما استدل به من قال بتفضيل الملائكة على البشر، والأقوال في هذه المسألة ثلاثة:

القول الأول: أنَّ الملائكة أفضل مطلقاً.

والقول الثاني: أنَّ البشر أفضل مطلقاً.

والقول الثالث: وهو الحق والصواب، وهو أنَّ الأنبياء وصالحي البشر أفضلُ من الملائكة ٣.

" وإن اقترب إلي شبراً اقتربت إليه ذراعاً، وإن اقترب إلي ذراعاً اقتربت إليه باعاً " وهذا فيه إثبات صفة القرب لله سبحانه وتعالى، وأنَّه يقرب متى شاء وكيف شاء على الوجه الذي يشاء.

ونحن نؤمن بأنه سبحانه يقرب من عباده كما دل عليه كتابه العزيز وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.


١ الآية ٦٠ من سورة الرحمن.
٢ الآية ١٠ من سورة الروم.
٣ انظر بسط هذه المسألة في كتاب " مباحث المفاضلة في العقيدة " لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن أبو سيف.

<<  <   >  >>