للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضمَّنهما المصنف قوله هذا، هما: الإثبات بلا تمثيل، وإليه الإشارة بقوله:"الموصوف بالصفات والأسماء". والأصل الثاني: التنزيه بلا تعطيل، وإليه الإشارة بقوله:"المنزه عن الأشباه والنظراء"أي أنه عز وجل منزه عن الشبيه والنظير،: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١.

"الذي سبق علمه في بريته بمحكم القضاء" بريته: أي المخلوقات التي برأها وأوجدها، فعلمه تبارك وتعالى في البرية أزلي، سابق لوجود المخلوقات، يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، كما قال جل وعلا: {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} ٢، وقال سبحانه: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} ٣.

أي أن ما يقع من قضائه محكم ـ وكل قضائه سبحانه وتعالى محكم ـ في بريته فعلمه فيه سابق. وفي هذا يقول الإمام الشافعي رحمه الله:

ما شئتَ كان وإن لم أشأْ ... وما شئتُ إن لم تشأْ لم يكن

خلقت العباد على ما علمت ... ففي العلم يجري الفتى والمسن

على ذا مننت وهذا خذلت ... وهذا أعنت وذا لم تعن

فمنهم شقي ومنهم سعيد ... ومنهم قبيح ومنهم حسن٤

الشاهد: قوله: خلقت العباد على ما علمت. هذا نظير قول المؤلف:"الذي سبق علمه في بريته بمحكم القضاء"أي أن علمه سابق ومحيط.

من السعادة والشقاء"يعني علم عز وجل في الأزل مَن السعيد ومَن الشقي، مثل ما قال الشافعي رحمه الله:"


١ الآية ١١ من سورة الشورى.
٢ الآية ١٢ من سورة الطلاق.
٣ الآية ٢٨ من سورة الجن.
٤ رواه اللالكائي في شرح الاعتقاد رقم ١٣٠٤

<<  <   >  >>