للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأمور كلُّها بقدر وقد كتبت على العبد، فأنت مفتقر إلى الله أن يعيذك من طريق الضلال، وأن يأخذ بناصيتك إلى طريق الهداية وأن يثبتك على الحق، وأن يمن عليك بالتوفيق والهداية والسداد، وأن يجعلك من أهل السعادة أهل الجنة.

أنت مفتقر إلى الله في كلِّ حركة وسكون، مفتقر إلى عفو الله سبحانه وتعالى، فليس أمامك إلا أن تلجأ إلى الله تبارك وتعالى في كلِّ وقت وحين أن يثبتك ويعينك ويسددك وأن يعيذك من طريق الضلال، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه:""اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس"يموتون " ١.

وفي الوقت نفسه لابد أن تبذل الأسباب وتصبر على فعلها وتجاهد نفسك مجاهدة تامة على لزوم طريق الخير، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ٢، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} ٣.

فهذا أصل شريف وعظيم، لابد من فهمه، ولا نجاة ـ والله ـ للإنسان في هذه الحياة إلا بفهم هذا الأصل المبارك الذي دل النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام رضي الله عنهم عليه، وأرشدهم إليه وهو الناصح الأمين.

والصحابة رضي الله عنهم لما سمعوا هذا الجواب وجدوا فيه الكفاية والشفاء والغنية، ولم يحتاجوا بعده إلى جواب أحد، بل أخذوه مأخذ


١ أخرجه البخاري " رقم ٧٣٨٣ "، ومسلم " رقم ٦٨٣٧ " واللفظ له.
٢ الآية ٢٠٠ من سورة آل عمران.
٣ الآية ٦٩ من سورة العنكبوت.

<<  <   >  >>