التسليم، وتلقوه بالقبول، واتجهوا إلى تطبيق مدلوله وتحقيق مقصوده، بالبذل والعمل والجد والاجتهاد مع طلب العون من الله تبارك وتعالى.
اقرأ سيرهم وأخبارهم، وانظر نصحهم لأنفسهم في العبادة والطاعة والجد والاجتهاد والإقبال على الله تعالى وأطرهم لأنفسهم وإلزامهم لها"لتسلك طريق الحق وتسير في جادته، وفي الوقت نفسه يلجأون إلى الله عز وجل في كلِّ وقت وحين، يسألونه الثبات والهداية والرشاد، هكذا كانت حياتهم وحياة من اتبعهم بإحسان.
ولما وُجد من ضل في هذا الباب، ووُجِد من صار عنده جرأة على الاعتراض على أقدار الرب العظيم، والانتقاد لأفعاله، وطرح الأسئلة الاعتراضية على قدره تبارك وتعالى، تغيرت الحال عما كان عليه السلف، فجمع هؤلاء بين الانحراف في العقيدة والانحراف في العمل والعبادة.
وقد ضلت في هذا الباب طائفتان:
١ـ طائفة أنكرت القدر وجحدته، وقالوا: لا قدر، والأمر أنف. وهؤلاء يسمون عند أهل العلم: بالقدرية النفاة؛ لأنهم ينفون القدر، ويقولون: لم يقدِّر الله تبارك وتعالى أفعال العباد ولم يخلقها، وإنما الذي قدرها وخلقها الإنسان نفسه.
ويصفهم أهل العلم بمجوس هذه الأمة؛ لأنَّ اعتقادهم هذا يتضمن تقرير وجود خالقين: الله الخالق للإنسان، والإنسان الخالق لفعل نفسه.
٢ـ ويقابل هؤلاء طائفة أخرى، يقولون: ليس للإنسان قدرة ولا مشيئة، فهو ـ عندهم ـ مسلوب الإرادة والمشيئة، والله عز وجل خالق لفعله وهو الفاعل الحقيقي؛ لأنَّ الإنسان ليس له مشيئة في أفعال نفسه، بل هو مجبور