للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل إنَّ بعضهم يترك بعض الفرائض ولا يفوت بعض البدع، وخاصة البدع الموسمية والتي فيها استرواح للنفس بالباطل ومتع من متع الدنيا كالطبول وغيرها، ومن يتركها ولا يحضرها يعد عند بعضهم غير محب للنبي صلى الله عليه وسلم ولو كان محافظاً على الفرائض والسنن، وإنما المحب من يحضر هذه البدع وإن فعل ما فعل، فصار المعيار في صدق المحبة البدعة لا السنة، وهذا من قلب الحقائق. قال ابن القيم رحمه الله ـ شارحاً قول النبي صلى الله عليه وسلم:""تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيُّ قلب أُشربها نُكت فيه نكتة سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض. والآخر أسود مُربادَّاً كالكوز مُجَخِّياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، إلا ما أشرب من هواه " ١ ـ قال:""فإذا اسود وانتكس عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطران متراميان به إلى الهلاك: أحدهما: اشتباه المعروف عليه بالمنكر، فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، وربما استحكم عليه هذا المرض حتى يعتقد المعروف منكراً والمنكر معروفاً، والسنة بدعة والبدعة سنة، والحق باطلاً والباطل حقاً. الثاني: تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وانقياده للهوى واتباعه له " ٢. نسأل الله العافية والسلامة.

" وقد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها " تركنا على السنة الواضحة والجادة المستقيمة التي لا خفاء فيها ولا لبس."

" لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك " أي إلا من كتب الله عز وجل عليه الهلاك.


١ أخرجه مسلم " رقم ٣٦٧ "
٢ إغاثة اللهفان "١/١٢"

<<  <   >  >>