للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أورد المصنف حديث أبي الدرداء وهو بمعنى الحديث السابق، فقال:

" وروى أبو الدرداء قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر الفقر ونتخوفه فقال:""الفقر تخافون؟ والذي نفسي بيده لتُصَبَّنَّ الدنيا عليكم حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هِيَهْ، وأيم الله قد تركتكم على البيضاء ليلها ونهارها سواء ". قال أبو الدرداء: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، تركنا على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء. رواه ابن ماجه "

" الفقر تخافون؟ " أي: هل تخافون من الفقر؟

" والذي نفسي بيده لتُصَبَّنَّ الدنيا عليكم " أي: يوسع عليكم في الرزق، وهذا أيضاً كسابقه من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، فلم يمض بعد كلامه إلا وقت يسير حتى جاءت كنوز الدنيا إلى الصحابة.

" حتى لا يُزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هِيَهْ " أي: الدنيا والركون إليها، والتكالب عليها وشغل الأوقات بها. فمن أسباب الزيغ: الافتتان بالدنيا، فتكون أكبر هم الإنسان، حتى يبلغ الحال ببعضهم أن يكون عبداً للدينار وللدرهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: ""تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض "

ثم نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما ينبغي أن يهتم به فقال: " وأيم الله قد تركتكم على البيضاء ليلها ونهارها سواء " أي أنَّه صلى الله عليه وسلم أبان الدين وأوضح الطريق وأقام الحجة وأزال المعذرة ونصح للأمة، وما ترك خيراً إلا دل الأمة عليه، ولا شراً إلا حذرها منه، وبهذا الذي أبانه تكون النجاة.


١ أخرجه البخاري " رقم ٢٨٨٦ "

<<  <   >  >>