رحمهم الله ـ في فضل الاتباع والبعد عن الابتداع، وذكرنا فيما سبق أنَّ النجاة إنما تكون بلزوم السنة والتمسك بها ومجانبة البدع والبعد عنها.
" وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته:""إنما أنا متبع، ولست بمبتدع ""أي: متبع لسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، أتقيد بها وأتمسك بما جاء فيها، ولا أتجاوزها. ولا أبتدع في الدين شيئاً من عندي. وإذا كان الصديق رضي الله عنه ـ وهو من هو في الإمامة والفضل ومعرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " ولست بمبتدع " فكيف يتجرأ على الابتداع أناس لا شأن لهم في العلم ولا دراية؟!
" وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:""قد فُرضت لكم الفرائض، وسُنت لكم السنن، وتُركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً " "
لهذا الأثر قصة، ألا وهي:""أنَّ عمر رضي الله عنه لما صدر من منى أناخ بالأبطح، ثم كوَّم كومة بطحاء، ثم طرح عليها رداءه واستلقى، ثم مد يديه إلى السماء، فقال: اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي، فاقبضني غير مضيع ولا مفرط. ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال: أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً ... قال سعيد بن المسيب ـ الراوي عن عمر رضي الله عنه ـ: فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله " ١. ولهذا فإنَّ هذه الوصية تُعد من أواخر وصايا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي في مجملها وصية باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد بين رضي الله عنه أنَّ الدين قد بُيِّن ـ الفرائض والسنن ـ، وأنَّه لا نقص فيه بأيِّ وجه من الوجوه، وما مات