للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلى الله عليه وسلم حتى أتم الله به الدين وأكمله، ولم يبق شيء من الدين لم يوضَّح. وهذا من أعظم الأصول التي يبطل بها الابتداع والإحداث؛ لأنَّه إذا سُلِّم بهذا الأصل العظيم: كمال الدين، لم يبق أمام الناس إلا الامتثال والاتباع والاقتفاء لآثار الرسول صلى الله عليه وسلم، فما هو الموجب للابتداع؟ إذا أراد العبد أن يتقرب إلى الله عز وجل فليتقرب إليه بدينه الذي شرعه وأتمه.

" إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً " يعني تفترق بكم الأهواء والسبل عن الصراط المستقيم والجادة السوية. ومصداق هذا فيما رواه ابن مسعود رضي الله قال:""خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً، ثم قال: هذا سبيل الله. ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثم قال: هذه سبل متفرقة، على كلِّ سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} ١ " ٢.

" وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:""إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأثر " "

" إنا " أي: الصحابة عموماً، فهو يبين النهج والمسلك الذي كانوا عليه.

" نقتدي " أي: بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ونترسم خطاه، ونلزم غرزه، ونتمسك بسنته.

" ولا نبتدي " أي: لا نبتدئ شيئاً من الدين من قبل أنفسنا، ولا نأتي بشيء من الدين ابتداء من عند أنفسنا، وإنما حالنا: الاقتداء بما كان عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.


١ الآية ١٥٣ من سورة الأنعام.
٢ أخرجه النسائي في الكبرى " ١١١٧٤ "، وأحمد " ١/٤٣٥، ٤٦٥ "، والطيالسي " رقم ٢٤٤ "، وابن أبي عاصم في السنة " رقم ١٧ " وحسن الألباني إسناده.

<<  <   >  >>