للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا فإنَّ السنن التي جاء بها من بعد الرسول ليس المراد بها أنَّهم أتوا بشيء في الدين لم يأت به الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنَّما هي سنن للنبي صلى الله عليه وسلم أحيوها ونشروها ومكنوا لها وأشاعوها في الأمة. وهذا كقول عمر رضي الله عنه عند جمعه الناس للتراويح:""نعم البدعة هذه " ١؛ لأنَّه لم يحدث التروايح من قبل نفسه، وإنَّما أحيا سنة الاجتماع لها. وهكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:""من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده " ٢ وقد قاله النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل الذي تصدق فتتابع الناس على إثر صدقته يتصدقون، وهذه السنة الحسنة ليست أمراً في الدين جاء به من قبل نفسه؛ فإنَّ الصدقة مشروعة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ٣.

وفي هذا المقام يغلط بعض أهل الأهواء فيتخذون مثل هذا متكأً للإحداث في الدين.

" الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعته، وقوة على دين الله " هذا يصلح شاهداً لما سبق تقريره من أنَّ الإيمان يزيد وينقص، وأنَّ الدين يستكمل بالطاعة التي هي المتابعة والاقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر بعض أهل العلم هذا الأثر شاهداً على زيادة الإيمان ونقصانه.

" ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها، ولا النظر في رأي من خالفها " فهذا هو الشأن الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم تجاه السنن: لا يغير ولا يبدل، ولا ينظر في آراء المخالفين لها، وإنَّما يتمسك بها وينهج نهجها، ويلزم هذه السنن والآثار الثابتة عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.


١ أخرجه البخاري " رقم ٢٠١٠ "
٢ أخرجه مسلم " رقم ٢٣٤٨ " مطولاً بذكر القصة.
٣ انظر: الاعتصام " ١/١٨٢ "

<<  <   >  >>