للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جهم فقد فارق الجماعة؛ لأنَّه وصفه بصفة لا شيء " "

" اتفق الفقهاء كلُّهم من الشرق إلى الغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب عز وجل " اتفقوا على الإيمان بها وإثباتها، وعدم إنكار شيءٍ منها. وطريقتهم في هذه الأحاديث أنَّهم يمرونها كما جاءت " من غير تفسير ولا تشبيه، فمن فسر اليوم من ذلك شيئاً فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ فإنهم لم يفسروا " وليس المراد بالتفسير في قوله: " لم يفسروا " أنهم فوضوا المعنى، حاشاهم، بل مرادهم التفسيرات المحدثة التي وُجدت عند الجهمية ومن سار مسارهم التي هي التحريف والتغيير والتبديل وصرف النص عن دلالته. قال مجاهد:""عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث مرات أقفه على كلِّ آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت " ١. فقد فسر ابن عباس لمجاهد آيات الصفات. وعندما تقرأ الآثار المروية عن الصحابة والسلف الصالح تجد فيها تفسيراً لمعاني الآيات وفقاً لدلالة اللغة، مثل قولهم: الاستواء: العلو والارتفاع، وهذا منقول عن بعض الصحابة وعن عدد من التابعين ٢، وهكذا في صفات الله تبارك وتعالى الأخرى يفسرونها بمعناها الذي دلت عليه اللغة.

ولهذا لما أورد شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الأثر عن محمد بن الحسن وأثراً آخر نظيره عن أبي عبيد القاسم بن سلام علق عليها بقوله:""فقد أخبر ـ يعني أبا عبيد ـ أنه ما أدرك أحداً من العلماء يفسرها تفسير الجهمية " ٣.


١ رواه أحمد في فضائل الصحابة " رقم ١٨٦٨ "، وأبو نعيم في الحلية " ٣/٢٧٩ ـ ٢٨٠ "، والذهبي في السير " ٤/٤٥٦ ـ ٤٥٧ "
٢ انظر: مسند الشافعي " ص٧٠ ـ ٧١ "، وتفسير البغوي " ١/٥٩ "، والأسماء والصفات للبيهقي " ٢/٣١٠ "
٣ الحموية " ص٤٠ "

<<  <   >  >>