ومن هذه الجهود: هذا الكتاب الذي بين أيدينا للإمام الحافظ عبد الغني المقدسي ـ رحمه الله ـ.
فعلى طالب العلم أن يعتني بهذه العقيدة، وأن يهتم بها. وأقل القليل أن يعتني بمتن من هذه المتون المختصرة، يضبطه ويفهمه، ويعتني بشروحه، ويقرأه على أهل العلم؛ فإن الشبه تتزايد وتكثر، وإذا لم يكن لدى طالب العلم أصل ثابت، وأساس راسخ، مبني على الدليل فإن الشبهات تجرفه، وتأخذه إلى أبعد ما يكون. وأهل العلم ـ مثل المقدسي رحمه الله ـ إنما ألَّفوا هذه المختصرات لهذا الغرض.
وأنا أجد شبهاً كبيراً بين كتاب"العقيدة الواسطية"لشيخ الإسلام، وكتاب"عقيدة عبد الغني المقدسي رحمه الله"فبين هذين الكتابين تشابه ظاهر، وعبد الغني متقدم على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
الأمر الثاني: كلمة"عقيدة":
كثير من مؤلفات السلف ـ رحمهم الله ـ موصوفة بهذا الوصف: عقيدة، عقيدة فلان، العقيدة الواسطية، الاعتقاد لفلان. وهذه الكلمة: كلمة عربية، واضحة المعنى، ظاهرة الدلالة، دالة على المقصود في هذا الموضع على أتم ما يكون؛ لأن العقيدة أو الاعتقاد مأخوذة في اللغة من العقد، وهو الربط والحزم والشد والتوثيق. وأهل العلم من السلف ـ رحمهم الله ـ أطلقوا هذا الوصف على أصول الإيمان لأنه مطلوب من المسلم أن يربط عليها قلبه، ويوثق عليها جنانه، وأن يكون إيمانه بها إيماناً جازماً لا شك فيه ولا ريب ولا تردد، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} ١ أي أيقنوا ولم يشكوا.