للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى وجه العموم فعذر التأويل من أوسع موانع تكفير المعين.

ولهذا ذكر بعض أهل العلم أنه إذا بلغ الدليلُ المتأوِّلَ فيما خالف فيه ولم يرجع وكان في مسألة يُحتَملُ وقوع الخطأ فيها، واحتمل بقاء الشبهة في قلب من أخطأ فيها لشبه أثيرت حولها أو لملابسات أحاطت بها في واقعة معينة أنه لا يحكم بكفره، لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:٥] "١".


المسلمين على تكفير الباطنية من نصيرية ودروز وإسماعيلية ونحوهم، وأنهم لا يعذرون بالشبهة؛ لأن حقيقة مذاهبهم أنهم لا يعبدون الله، ولا يلتزمون بشرائع الإسلام، بل يؤولونها بما لا يمكن بحال أن يكون له وجه". وينظر مجموع الفتاوى ٣٥/١٦٢،١٦١، إيثار الحق ص٣٧٧.
وقد ألحق بعض أهل العلم بطوائف الباطنية السابقة الفرق التي تقدح في القرآن وتدّعي أنه محرف، أو أن أكثره مفقود ولا تعمل بأكثر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تقبلها؛ لأن الصحابة الذين رووها مرتدون في زعمهم. وينظر قول ابن القيم الآتي قريباً.
"١" فمن حصلت له شبهة من جهة عدم الفهم فهو مخطئ معذور، وهذا هو الأصل الذي يعتمد عليه في حكم الظاهر، والحكم على المكلف إنما هو على ظاهره بإجماع أهل العلم، والله يتولى السرائر، ومن القواعد المقررة أن المؤاخذة والتأثيم لا تكون على مجرد المخالفة، ما لم يتحقق القصد إليها، والمتأول في حقيقته مخطئ غير متعمد للمخالفة في الظاهر، بل هو يدّعي أنه على الحق، ويصرح بأنه يعتقد ذلك، فيعذر من أجله، فلا يحكم بكفره. ينظر الفصل ٣/٢٨٥، مجموع الفتاوى ٧/٤٧٢، و٢٣/٣٤٦، إيثار الحق ص٣٧٦-٤٠٦، فتح الباري: استتابة المرتدين

<<  <  ج: ص:  >  >>