للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: تصوير الأولياء والصالحين

من المعلوم أن أول شرك حدث في بني آدم سببه الغلو في الصالحين بتصويرهم، كما حصل من قوم نوح عليه السلام، وقد سبق ذكر قول ابن عباس - رضي الله عنهما - في ذلك في مقدمة هذا المبحث"١".


وطاعته. وهو أفضل الأولين والآخرين، وخاتم النبيين، والمخصوص يوم القيامة بالشفاعة العظمى التي ميزه الله بها على سائر النبيين، صاحب المقام المحمود، واللواء المعقود، لواء الحمد، آدم فمن دونه تحت لوائه، وهو أول من يستفتح باب الجنة، فيقول الخازن: من أنت؟ فيقول: أنا محمد. فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك.
"١" يؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:" إن أولئك كانوا إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور "رواه البخاري "٤٢٧" ومسلم "٥٢٨" من حديث عائشة - رضي الله عنها - قال الحافظ ابن القيم الحنبلي في إغاثة اللهفان ص ١٨٨، ١٨٩ بعد ذكره لأثر ابن عباس السابق:"وقال غير واحد من السلف: كان هؤلاء قوماً صالحين في قوم نوح عليه السلام، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم، فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور وفتنة التماثيل، وهما الفتنتان اللتان أشار إليهما النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته" ثم ذكر حديث عائشة السابق، ثم قال:"فقد رأيت أن سبب عبادة ود ويغوث ويعوق ونسرا واللات، إنما كانت من تعظيم قبورهم، ثم اتخذوا لها التماثيل وعبدوها، كما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال الإمام القرطبي المالكي في المفهم في شرح حديث عائشة السابق ٢/٩٣١،٩٣٢:"إنما فعل ذلك أوائلهم ليأتنسوا برؤية تلك الصور، ويتذكروا بها أحوالهم

<<  <  ج: ص:  >  >>