هذا، وهناك وسائل أخرى تؤدي إلى الشرك الأكبر غير هذه الوسائل الثلاث، يأتي بعضها عند الكلام على البدعة في الفصل الخامس من هذا الباب إن شاء الله تعالى.
تعلمه من العلم بعد ذلك، بل يذهل عن كل حجة شرعية تدل على أن هذا هو الشرك بعينه، وإذا سمع من يقول ذلك أنكره، ونبا عنه سمعه، وضاق به ذرعه، لأنه يبعد كل البعد أن ينقل ذهنه دفعة واحدة في وقت واحد عن شيء يعتقده من أعظم الطاعات، إلى كونه من أقبح المقبحات، وأكبر المحرمات، مع كونه قد درج عليه الأسلاف، ودبّ فيه الأخلاف، وتعاودته العصور، وتناوبه الدهور، وهكذا كل شيء يقلد الناس فيه أسلافهم، ويحكمون العادات المستمرة. وبهذه الذريعة الشيطانية، والوسيلة الطاغوتية، بقي المشرك من الجاهلية على شركه، واليهودي على يهوديته، والنصراني على نصرانيته، والمبتدع على بدعته، وصار المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وتبدلت الأمة بكثير من المسائل الشرعية غيرها، وألفوا ذلك، ومرنت عليه نفوسهم، وقبلته قلوبهم، وأنسوا إليه حتى لو أراد من يتصدى للإرشاد أن يحملهم على المسائل الشرعية البيضاء النقية التي تبدلوا لها غيرها لنفروا عن ذلك، ولم تقبله طبائعهم، ونالوا ذلك المرشد بكل مكروه، ومزّقوا عرضه بكل لسان". انتهى كلامه رحمه الله.