للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عصى العبد ربه نقصت محبته لله بقدر معصيته (١) ، فمن علامة ضعف محبة الله في القلب إصرار العبد على المعاصي وعدم توبته منها، وكلما أكثر العبد من معصية الله تعالى ضعفت محبته في قلبه أكثر مما كانت قبل ذلك، وهكذا، ولذلك فإنه يخشى على من أسرف على نفسه بالمعاصي أن تذهب محبته لله كلية فيقع في الكفر، ومن ادعى محبة الله مع استكثاره من معصيته فهي دعوى كاذبة، ولذلك لما ادعى قوم محبة الله تعالى أنزل هذه الآية (٢) : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [سورة آل عمران:٣١] ، وهذه الآيه تسمى آية"المحنة"أو آية"الاختبار"فالذي يحب الله حقيقة يتبع ما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وينتهي عما نهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، قال بعض العلماء:"من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده فهو كاذب".

وقال الشاعر:

تعصي الإله وأنت تزعم حبه ... هذا محال في القياس شنيع

لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع (٣)


كلمة الاخلاص لابن رجب ص٣٥- ٣٧، وينظر تفسير ابن جرير وابن كثير والشوكاني والسعدي للآية (٩٧) من سورة النحل، وللآية (٢٨) من سورة (الرعد) .
(١) قاعدة في المحبة ص٧٢، ٧٣، وينظر مختصر منهاج القاصدين ص٤٤١.
(٢) تفسير الطبري ٦/٣٢٢- ٣٢٤، مجموع الفتاوى ٧/٩٣، مدارج السالكين ٣/٢٢.
(٣) قاعدة في المحبة لابن تيمية ص٧٢، ٧٣، طريق الهجرتين ص٤٢٢، الشفا لعياض (مطبوع مع شرحه للقاري ٢/١٦) ، فتح الباري لابن رجب ١/٤٧، جامع العلوم والحكم ٢/٣٤٦، ٣٤٧، شرح الحديث ٣٨، تحقيق كلمة الإخلاص ص٣٢- ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>